(ما محمد إلا رسول) (1) ردا على من قال هو رسول ويتبرى من الهلاك. لأن المخاطبون وهم الصحابة كانوا عالمين بكونه مقصورا على الرسالة لكنهم لما كانوا يعدون هلاكه أمرا عظيما نزل استعظامهم هلاكه منزلة إنكارهم إياه فاستعمل له النفي والاستثناء. واعتبار المناسب للتنزيل المذكور الإشعار بعظم هذا الأمر في نفوسهم وشدة حرصهم على بقائه (صلى الله عليه وآله) عندهم.
ب: تنزيل المجهول منزلة المعلوم لادعاء ظهوره، فيستعمل له " إنما " نحو قوله تعالى حكاية عن اليهود (انما نحن مصلحون) (2). ادعوا أن كونهم مصلحين أمر ظاهر، من شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره، ولذلك جاء (ألا إنهم هم المفسدون) (3) للرد عليهم مؤكدا بالجملة الاسمية الدالة على الثبات، وتعريف الخبر الدال على الحصر، وتوسيط ضمير الفصل المؤكد للحصر، وتصدير الكلام بحرف التنبيه الدال على أن مضمون الكلام مما له خطر وبه عناية، ثم التاكيد ب " ان "، ثم تعقبه بما يدل على التقريع والتوبيخ وهو قوله " ولكن لا يشعرون "، ففيها ستة تأكيدات.
ترجيح " إنما " على العطف مزية " إنما " على " العطف " أنه يعقل منها الحكمان - أعني الإثبات للمذكور والنفي عما عداه معا - بخلاف العطف فإنه يفهم منه أولا الإثبات ثم النفي، نحو " زيد قائم لا قاعد "، أو العكس، نحو " ما زيد قائما بل قاعدا ".
وأحسن مواقع " إنما " التعريض، نحو (إنما يتذكر أولو الألباب) (4) فإنه تعريض بأن الكفار من فرط جهلهم كالبهائم، فطمع النظر منهم كطمعه منها.
مواقع القصر:
" القصر " كما يقع بين المبتدأ والخبر - على ما مر - يقع بين الفعل والفاعل، نحو " ما قام إلا زيد ". وبين الفاعل والمفعول، نحو " ما ضرب زيد إلا عمرا "