وكلمة " إنما " من أداة الحصر بدليلين:
الف: قول النحاة: إنما لإثبات ما يذكر بعده ونفي ما سواه.
ب: صحة انفصال الضمير معه، نحو " إنما يقوم أنا " فإن جواز الانفصال إنما يكون عند تعذر الاتصال ولا تعذر هنا إلا بأن يكون المعنى " ما يقوم إلا أنا " وكما في قول الفرزدق:
أنا الذائد الحامي الذمار وإنما * يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي فالمعنى " لا يدافع عن أحسابهم إلا انا أو مثلي " ولإفادة هذا المعنى اتى الشاعر الفصيح بضمير المنفصل " أنا " دون المتصل " أدافع ". ولا يجوز أن يقال إنه محمول على الضرورة لأنه كان يصح ان يقال " إنما أدافع عن أحسابهم أنا " على أن يكون " أنا " تأكيدا.
وايضا لا يصح أن يقال " ما " الموصولة اسم " ان " و " انا " خبرها إذ لا ضرورة في العدول عن لفظ " من " إلى لفظ " ما ".
تقديم ما حقه التأخير هو كتقديم الخبر على المبتدأ والمعمولات على الفعل كقولك في قصر الموصوف على الصفة " قرشي أنا "، وفي قصر الصفة على الموصوف " أنا كفيت مهمك ".
بيان تفاوت الطرق وهذه الطرق وإن كانت مشتركة في إفادة القصر لكن تختلف من وجوه:
ألف: دلالة التقديم بالفحوى أي بمفهوم الكلام ودلالة الثلاثة الباقية بالوضع.
ب: الأصل في العطف النص على المثبت والمنفي كما مر، فلا يترك النص عليهما إلا لكراهة الإطناب كما إذا قيل " زيد يعلم النحو والتصريف والعروض " فتقول في رده " زيد يعلم النحو لاغير " ولا تقول " لا التصريف والعروض " أو قيل " زيد يعلم النحو وعمرو وبكر " فتقول في رده " زيد يعلم النحو لاغير " ولا تقول " لا عمرو ولا بكر ". والأصل في الثلاثة الباقية النص على المثبت فقط.