فإن قيل: في الآية حذف المستثنى منه فيكون إيجازا لا مساواة.
قلنا: اعتبار هذا الحذف رعاية لأمر لفظي لا يفتقر إليه في تأدية أصل المراد حتى لو صرح به لكان إطنابا بل تطويلا، فلم يكن لفظ الآية ناقصا عن أصل المراد.
الإيجاز:
وهو ضربان: إيجاز القصر، وإيجاز الحذف.
إيجاز القصر: وهو إتيان الكلام الذي معناه كثير ولفظه قليل ولا حذف فيه، نحو (في القصاص حياة) (1)، فإن معناه أن الإنسان إذا علم أنه إذا قتل قتل كان ذلك داعيا له إلى أن لا يقدم على القتل. فارتفع بالقتل الذي هو القصاص كثير من قتل الناس بعضم لبعض وكان بارتفاع القتل حياة لهم وليس فيه حذف شيء يؤدي به أصل المراد.
واعتبار الفعل الذي يتعلق به الظرف رعاية لأمر لفظي حتى لو ذكر لكان تطويلا. ورجحان الآية على ما كان عندهم أوجز كلام في هذا المعني [وهو قولهم " القتل أنفى للقتل "] بهذه النكات:
1 - قلة الحروف، لأن حروف (في القصاص حياة) مع التنوين أحد عشر وحروف " القتل أنفى للقتل " أربعة عشر. أعني الحروف الملفوظة، إذ بالقراءة يتعلق الإيجاز لا بالكتابة.
2 - النص على المطلوب يعني الحياة.
3 - ما يفيد تنكير " حياة " من التعظيم أو النوعية.
أما التعظيم لمنع القصاص إياهم عما كانوا عليه من قتل جماعة بواحد فحصل لهم بالقصاص حياة عظيمة.
أما النوعية أي ولكم في القصاص نوع من الحياة وهي حياة حاصلة للذي