30 - القول بالموجب هو نوعان:
الأول: أن يقع في كلام الغير إثبات صفة لشيء وترتيب حكم عليها فينقل السامع تلك الصفة إلى غير ذلك الشيء من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم له أو انتفاؤه عنه، كقوله تعالى (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) (1)، فالمنافقون أرادوا ب " الأعز " أنفسهم و ب " الأذل " المؤمنين، ورتبوا على ذلك " الاخراج " من المدينة، فنقلت صفة العزة للمؤمنين وأبقيت صفة الذلة للمنافقين، من غير تعرض لثبوت حكم الإخراج للمتصفين بصفة العزة ولا لنفيه عنهم.
والثاني: أن يحمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده بذكر متعلق له (2)، نحو:
قلت ثقلت إذ أتيت مرارا * قال ثقلت كاهلي بالأيادي فلفظة " ثقلت " وقع في كلام المتكلم بمعنى " حملتك المؤونة "، فحمله المخاطب على تثقيل كتفه بالأيادي بأن ذكر متعلقه أعني قوله " كاهلي بالأيادي ".
الفرق بين القول بالموجب (3) والأسلوب الحكيم (4) التفاوت بينهما في الغرض من إتيانهما. فغرض المتكلم من الأول الملاحة والمحبة، ومن الثاني تذكر المخاطب وتنبيهه بأن غير ما قصده هو الأولى بحال المتكلم.