البليغ في المعاني والبيان والبديع - الشيخ أحمد أمين الشيرازي - الصفحة ٢٧
بداية نهاية ومع كل عسر يسر، وإلى هذا أشار " عبد القاهر " في " دلائل الإعجاز ".
قيل: فصاحة الكلام خلوصه مما ذكر ومن كثرة التكرار وتتابع الإضافات.
كثرة التكرار إن المراد بالكثرة هنا ما يقابل الوحدة وتحصل بذكر اللفظ ثالثا كمصرع الثاني من بيت " المتنبي ":
وتسعدني في غمرة بعد غمرة * سبوح لها منها عليها شواهد " سبوح " أي فرس حسن الجري لا تتعب راكبها. " لها " صفة سبوح، " منها " حال من شواهد، " عليها " متعلق بشواهد و " شواهد " فاعل " لها ". يعني أن لها من نفسها علامات دالة على نجابتها.
تتابع الإضافات والمراد منه الإضافات المتوالية كالمصرع الأول من بيت " ابن بابك ": (1) حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي * فأنت بمرأى من سعاد ومسمع ففيه إضافة " حمامة " إلى " جرعا " و " جرعا " إلى " حومة " و " حومة " إلى " الجندل ". و " الجرعاء " تأنيث " الأجرع " قصرها للضرورة وهي أرض ذات رمل لا تنبت شيئا. و " الحومة " معظم الشيء. و " الجندل " أرض ذات حجارة.
و " السجع " هدير الحمام ونحوه.
وقوله " فأنت بمرأى " أي بحيث تراك سعاد وتسمع صوتك. يقال " فلان بمرأى مني ومسمع " أي بحيث أراه وأسمع قوله، كذا في " الصحاح ".
وفيه نظر، لأن كلا من كثرة التكرار وتتابع الإضافات إن ثقل اللفظ بسببه على اللسان فقد حصل الاحتراز عنه بالتنافر وإلا فلا يخل بالفصاحة، كيف وقد وقع في

(1) أبو القاسم عبد الصمد بن المنصور بن الحسن بن بابك المعاصر لصاحب بن عباد توفي 410 ه‍ ببغداد.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست