بداية نهاية ومع كل عسر يسر، وإلى هذا أشار " عبد القاهر " في " دلائل الإعجاز ".
قيل: فصاحة الكلام خلوصه مما ذكر ومن كثرة التكرار وتتابع الإضافات.
كثرة التكرار إن المراد بالكثرة هنا ما يقابل الوحدة وتحصل بذكر اللفظ ثالثا كمصرع الثاني من بيت " المتنبي ":
وتسعدني في غمرة بعد غمرة * سبوح لها منها عليها شواهد " سبوح " أي فرس حسن الجري لا تتعب راكبها. " لها " صفة سبوح، " منها " حال من شواهد، " عليها " متعلق بشواهد و " شواهد " فاعل " لها ". يعني أن لها من نفسها علامات دالة على نجابتها.
تتابع الإضافات والمراد منه الإضافات المتوالية كالمصرع الأول من بيت " ابن بابك ": (1) حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي * فأنت بمرأى من سعاد ومسمع ففيه إضافة " حمامة " إلى " جرعا " و " جرعا " إلى " حومة " و " حومة " إلى " الجندل ". و " الجرعاء " تأنيث " الأجرع " قصرها للضرورة وهي أرض ذات رمل لا تنبت شيئا. و " الحومة " معظم الشيء. و " الجندل " أرض ذات حجارة.
و " السجع " هدير الحمام ونحوه.
وقوله " فأنت بمرأى " أي بحيث تراك سعاد وتسمع صوتك. يقال " فلان بمرأى مني ومسمع " أي بحيث أراه وأسمع قوله، كذا في " الصحاح ".
وفيه نظر، لأن كلا من كثرة التكرار وتتابع الإضافات إن ثقل اللفظ بسببه على اللسان فقد حصل الاحتراز عنه بالتنافر وإلا فلا يخل بالفصاحة، كيف وقد وقع في