المعكوس أي التشبيه العائد غرضه إلى المشبه به، ويأتي لجهتين:
ألف: ايهام أنه أتم من المشبه في وجه الشبه فيجعل الناقص مشبها به قصدا إلى ادعاء انه أكمل فتعود فائدة التشبيه إلى المشبه به، كما في قوله تعالى حكاية عمن أحلوا الربا (إنما البيع مثل الربا) (1) أي إن الربا مثل البيع، عكسوا ذلك لإيهام أن الربا عندهم أحل من البيع لأن الغرض الربح وهو أثبت وجودا في الربا منه في البيع فيكون أحق بالحل عندهم.
ب: بيان الاهتمام بالمشبه به كتشبيه الجائع، وجها كالبدر في الإشراق والاستدارة بالرغيف، ويسمى هذا " إظهار المطلوب " نحو:
وعالم يعرف بالسجزي * أشهى إلى النفس من الخبز الشاهد في المصراع الثاني (2) وذلك لأن قاضي " سجستان " قد دخل على " الصاحب (3) " فأخذ الصاحب يمدحه حتى قال " وعالم يعرف بالسجزي " وأشار إلى الندماء أن ينظموا على أسلوبه حتى قال أحدهم: " أشهى إلى النفس من الخبز " فأمر أن تقدم له مائدة.
الحكم بالتشابه ما ذكر من جعل أحد الشيئين مشبها والآخر مشبها به إنما يكون إذا أريد إلحاق الناقص في وجه الشبه بالزائد. أما إذا أريد الجمع بين شيئين في أمر من الأمور من غير قصد إلى كون أحدهما ناقصا والآخر زائدا سواء وجدت الزيادة أو النقصان أم لم توجد فالأحسن ترك التشبيه ذاهبا إلى الحكم بالتشابه احترازا من ترجيح أحد المتساويين في وجه الشبه، نحو:
تشابه دمعي إذ جرى ومدامتي * فمن مثل ما في الكأس عيني تشرب