ج: إن النفي ب " لا " العاطفة لا يجامع النفي والاستثناء فلا يصح " ما زيد إلا قائم لا قاعد " وقد يقع مثل ذلك في كلام المصنفين لا البلغاء. لأن شرط المنفي ب " لا " العاطفة أن لا يكون ذلك المنفي منفيا قبلها بغيرها من أدواة النفي، وهذا الشرط مفقود في النفي والاستثناء. ويجامع النفي ب " لا " العاطفة " انما والتقديم " فيقال " إنما أنا قرشي لا حبشي " و " هو يأتيني لا عمرو ". لأن النفي فيهما غير مصرح به كما إذا قلنا " امتنع زيد عن المجيء لا عمرو " فانه يدل على نفي المجيء عن زيد ضمنا لا صريحا وإنما معناه الصريح إيجاب امتناع المجيء عن زيد فيكون " لا " رفعا لذلك الإيجاب.
قال الشيخ عبد القاهر: لا تحسن مجامعة النفي ب " لا " العاطفة مع " إنما " في الوصف المختص كما تحسن في غيره نحو (انما يستجيب الذين يسمعون) (1) فإنه لا يحسن أن يقال " لا الذين لا يسمعون " لأن الاستجابة لا تكون إلا ممن يسمع ويعقل بخلاف " إنما يقوم زيد لا عمرو " إذ القيام ليس مما يختص بزيد.
د: ويستعمل " النفي والاستثناء " في الحكم الذي ينكره المخاطب بخلاف " إنما " فإنه يستعمل في خبر من شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره حتى أن إنكاره يزول بأدنى تنبيه لعدم إصراره عليه، نحو " إنما هو أخوك " لمن يعلم ذلك ويقر به وأنت تريد أن ترققه وتشفقه عليه، ونحو (انما عليك البلاغ) (2) و (انما أنت منذر) (3).
التنزيلات هي مطابقة الكلام على خلاف مقتضى الظاهر مع مطابقته لمقتضى الحال كما مر، ولها موارد:
ألف: تنزيل المعلوم منزلة المجهول فيستعمل له " النفي والاستثناء " نحو