والجملة الإسمية نحو قول الشاعر:
يا لعنة الله والأقوام كلهم * والصالحين على سمعان من جار (1) فهي في كل ما ذكر للنداء، والمنادى محذوف عند الدلالة.
قال الجوهري: وأما قوله تعالى: (ألا يا اسجدوا لله) بالتخفيف، فالمعنى ألا يا هؤلاء اسجدوا، فحذف المنادى اكتفاء بحرف النداء كما حذف حرف النداء اكتفاء بالمنادى في قوله تعالى: (يوسف أعرض عن هذا) إذ كان المراد معلوما؛ وقال بعضهم: إن يا في هذا الموضع إنما هو للتنبيه كأنه قال: ألا اسجدوا، فلما أدخل عليه يا للتنبيه سقطت الألف التي في اسجدوا لأنها ألف وصل، وذهبت الألف التي في يا لاجتماع الساكنين لأنها والسين ساكنتان، انتهى.
وكذلك القول في بقية الأمثلة التي ذكرها المصنف من تقدير المنادى: ألا يا خليلي اسقياني، ويا قوم ليتني، ورب.
أو لمجرد التنبيه لئلا يلزم الإجحاف بحذف الجمل ة كلها؛ وهو إشارة إلى ما ذكره الجوهري من القول الثاني في الآية.
أو إن وليها دعاء أو أمر فللنداء؛ كقول ذي الرمة:
* ألا أيا اسلمي يا دار مي على البلى (2) * وإلا فللتنبيه. قال شيخنا: وهذا القول هو المختار من الثلاثة لوجوه ذكرها شراح التسهيل. ثم اعلم أن المصنف ذكر حرف النداء واستطرد لبعض أحكام المنادى مع إخلال بأكثرها ونحن نلم بها بالقول الموجز.
قال صاحب اللباب: إذا قلت يا عبد الله، فالأصل: يا إياك أعني، نص عليه سيبويه، فأقيم المظهر مقام المضمر تنبيها للمخاطب أن القصد يتوجه إليه لا غير، ثم حذف الفعل لازما لنيابة يا عنه، ولما في الحذف من رفع اللبس بالخبر؛ وحكي يا إياك، وقد قالوا أيضا يا أنت نظر إلى اللفظ؛ قال الشاعر:
يا أقرع بن جابس يا أنتا * أنت الذي طعلقت عام جعتا وقيل: إنما نصب أيا لأنه مضاف ولا يجوز نصب أنت لأنه مفرد ثم إنه ينتصب لفظا كالمضاف والمضارع له، وهو ما تعلق بشيء هو من تمام معناه نحو: يا خيرا من زيد ويا ضاربا زيدا ويا مضروبا غلامه ويا حسنا وجه الأخ ويا ثلاثة وثلاثين اسم رجل، وانتصب الأول للنداء والثاني ثباتا على المنهاج الأول الذي قبل التسمية، أعني متابعة المعطوف عليه في الإعراب وإن لم يكن فيه معنى عطف على الحقيقة؛ والنكرة إما موصوفة نحو: يا رجلا صالحا، وعود الضمير من الوصف على لفظ الغيبة لا غير نحو:
* يا ليلة سرقتها من عمري * أو غير موصوفة كقول الأعمى لمن لا يضبطه: يا بصيرا خذ بيدي، ومحلا كالمفرد المعرفة مبهما أو غير مبهم فإنه يبنى على ما يرفع به نحو: يا زيد، ويا رجل، ويا أيها الرجل، ويا زيدان، ويا زيدون، لوقوعه موقع ضمير الخطاب، ولم يبن المضاف لأنه إنما وقع موقعه مع قيد الإضافة، فلو بني وحده كان تقديما للحكم على العلة ونداء العلم بعد تنكيره على رأي، وأما قوله * سلام الله يا مطر عليها * فقبيح بعيد عن القياس شبهه بباب ما لا ينصرف أو الداخل عليه اللام الجارة للاستغاثة أو التعجب، واللام مفتوحة بخلاف ما عطف عليه فرقا بين المدعو والمدعو إليه، والفتحة به أولى منها بالمدعو إليه كقول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: يا لله للمسلمين ويا للعجب، وقولهم يا للبهيتة ويا للفليتة ويا للعضيهة على ترك المدعو، ويدخل الضمير نحو: فيا لك من ليل. و: