ومن الطائر: جناحه لأنه يتقوى به كما يتقوى الإنسان باليد.
ومن الريح: سلطانها، لما ملكت الريح تصريف السحاب جعل لها سلطان عليه، وقد تقدم قريبا.
ومن الدهر: مد زمانه. يقال: لا أفعله يد الدهر أي أبدا؛ كما في الصحاح.
وقيل: أي الدهر؛ وهو قول أبي عبيد.
وقال ابن الأعرابي: لا آتيه يد الدهر، أي الدهر كله؛ وكذلك لا آتيه يد المسند، أي الدهر كله؛ وقد تقدم أن المسند الدهر؛ وأنشد الجوهري للأعشى:
رواح العشي وسير الغدو * يد الدهر حتى تلاقي الخيارا (1) الخيار: المختار، للواحد والجمع.
قال ابن سيده: وقولهم: لا يدين لك بهذا، أي لا قوة لك به: لم يحكه سيبويه إلا مثنى، ومعنى التثنية هنا الجمع والتكثير، قال. ولا يجوز أن تكون الجارحة هنا، لأن الباء لا تتعلق إلا بفعل أو مصدر، انتهى وأجاز غير سيبويه: مالي به يد ويدان وأيد بمعنى واحد. وفي حديث يأجوج ومأجوج: قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، أي لا قدرة ولا طاقة.
يقال: مالي بهذا الأمر يد ولا يدان لأن المباشرة والدفاع إنما يكون باليد فكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه؛ وقال كعب بن سعد الغنوي:
فاعمد لما فعلوا فمالك بالذي * لا تستطيع من الأمور يدان ورجل ميدي، كمرمي: أي مقطوع اليد من أصلها.
* ومما يستدرك عليه:
اليد: الغنى.
وأيضا: الكفالة في الرهن. يقال: يدي لك رهن بكذا، أي ضمنت ذلك وكفلت به.
وأيضا: الأمر النافذ والقهر والغلبة. يقال: اليد لفلان على فلان، كما يقال: الريح لفلان، وقال ابن جني: أكثر ما تستعمل الأيادي في النعم.
قال شيخنا: وذكرها أبو عمرو بن العلاء، ورد عليه أبو الخطاب الأخفش، وزعم أنها في علمه إلا أنها لم تحضر.
قال والمصنف: تركها في النعم وذكرها في الجارحة واستعملها في الخطبة، فتأمل، وقول ذي الرمة:
* وأيدي الثريا جنح في المغارب (2) * أراد قرب الثريا، من المغرب وفيه اتساع وذلك أن اليد إذا مالت للشيء ودنت إليه دلت على قربها منه؛ ومنه قول لبيد:
* حتى إذا ألقت يدا في كافر (3) * يعني بدأت الشمس في المغيب، فجعل للشمس يدا إلى المغيب.
ويد الله: كناية عن الحفظ والوقاية والدفاع؛ ومنه الحديث: يد الله مع الجماعة، واليد العليا هي المعطية، وقيل: المتعففة، والسفلى السائلة أو المانعة.
وتجمع الأيدي على الأيدين، وأنشد أبو الهيثم:
يبحثن بالأرجل والأيدينا * بحث المضلات لما يبغينا (4) وتصغير اليد يدية، كسمية.
ويدي، كعني: شكا يده، على ما يطرد في هذا النحو.