* أم الهنيين من زند لها واري (١) * ويقال الزند الواري الذي نخرج ناره سريعا وأوريته أنا وكذلك.
وريته تورية واستوريته كل ذلك في الصحاح والمعنى أثقبته ومنه فلان يستوري زناد الضلالة وأنشد ابن بري شاهدا لأوريته لشاعر:
وأطف حديث السوء بالصمت إنه * متى تور نارا للعتاب تأججا وورية النار وريتها، كعدة: ما تورى به من خرقة أو حطبة، كذا في النسخ والصواب أو عطبة، وهي القطنة؛ وقال الطرماح يصف أرضا جدبة لا نبات فيها:
كظهر اللأى لو يبتغي رية بها * لعيت وشقت في بطون الشواجن (٢) أي هذه الصحراء كظهر بقرة وحشية ليس فيها أكمة ولا وهدة.
وقال الأزهري: الرية ما جعلته ثقوبا من خثى أو روث أو ضرمة أو حشيشة.
وفي الأساس: هل عندك رية؟: أي شيء تورى به النار من بعرة أو قطنة، انتهى.
وقال أبو حنيفة: الرية كل ما أوريت به النار من خرقة أو عطبة أو قشرة؛ وحكي ابغني رية أري بها ناري.
قال ابن سيده: وهذا كله على القلب عن ورية وإن لم نسمع بورية.
والتوراة: تفعلة منه، عند أبي العباس ثعلب، وهو مذهب الكوفيين من وريت بك زنادي لأنه إضاءة؛ وعند الفارسية فوعلة، قال: لقلة تفعلة (٣) في الأسماء وكثرة فوعلة؛ وتاؤها عن واو لأنها من ورى الزند إذ هي ضياء من الضلال، وهذا مذهب سيبويه والبصريين وعليه الجمهور؛ وقيل من ورى أي عرض، لأن أكثرها رموز، كما عليه مدرج السدوسي.
وسأل محمد بن طاهر ثعلبا والمبرد عن وزنها فوقع الخلاف بينهما، والمصنف اختار قول الكوفيين وهو غير مرضى.
وقال الفراء في كتاب المصادر: التوراة من الفعل التفعلة كأنها أخذت من أوريت الزناد ووريتم، فتكون تفعلة في لغة طيئ لأنهم يقولون في التوصية توصاة وللجارية الجاراة وللناصية الناصاة.
وقال أبو إسحق الزجاج: قال البصريون: توراة أصلها فوعلة، وفوعلة كثير في الكلام مثل الحوصلة والدوخلة، وكل ما قلت فيه فوعلت فمصدره فوعلة، فالأصل عندهم ووراة، قلبت الواو الأولى تاء كما قلبت في تولج، وإنما هو فوعل من ولجت، ومثله كثير.
ونقل شيخنا المذهبين واختلاف وزن الكلمة عندهما وقال في آخره ما نصه: وقد تعقب المحققون كلامهم بأسره وقالوا هو لفظ غير عربي، بل هو عبراني اتفاقا، وإذا لم يكن عربيا فلا يعرف له أصل من غيره، إلا أن يقال إنهم أجروه بعد التعريب مجرى الكلم العربية وتصرفوا فيه بما تصرفوا فيها، والله أعلم.
ووراه تورية: أخفاه وستره، كواراه مواراة. وفي الكتاب العزيز: ﴿ما ووري عنهما﴾ (4)، أي ستر على فوعل وقرئ: وري عنهما، بمعناه.
وورى الخبر تورية: ستره وأظهر غيره، كأنه مأخوذ من وراء الإنسان لأنه إذا قال وراه كأنه جعله وراءه حيث لا يظهر؛ كذا في الصحاح.
وقال كراع: ليس من لفظ وراء لأن لام وراء همزة.
وورى عن كذا: أراده، وأظهر غيره؛ ومنه الحديث: كان إذا أراد سفرا ورى بغيره، أي ستره وكنى عنه وأوهم أنه يريد غيره؛ ومنه أخذ أهل المعاني والبيان، التورية.