يد المدعي لكونه حينئذ يقضي به له لليد، دون غيرها من القاعدتين. كما يحكم به له أيضا لو كانت دعواه موافقة للأصل فإن الحكم بذلك أنما هو للأصل دون القاعدة، إلا أن يستدل بها حينئذ تكثيرا للأدلة. فهذه الصور الثلاث من الدعاوي خارجة عن القاعدتين.
ثم المراد من قولهم في القاعدة الأولى: (لا يد لأحد عليه) دائر بين محتملات ثلاثة:
الأول: أنه لا يد لأحد عليه مطلقا في حالتي الدعوى وما قبلها أصلا لا لمعلوم صاحبها ولا لمجهول.
الثاني: لا يد لأحد عليه في حال الدعوى وقبله لمعلوم مع العلم بسبق يد عليه قبله، لكن مجهول صاحبها.
الثالث: اختصاص نفي اليد بحال الدعوى دون ما قبله، بل ولو علم سبق يد عليه قبله لمعلوم فضلا عن المجهول.
لا اشكال في عدم إرادة المعنى الأول، وإلا لاختصت القاعدة بقبول قوله في المباحات الأصلية، وما كان بحكمها وكادت تنعدم فائدتها.
وإرادة المعنى الثاني غير بعيدة، وإن كان الثالث أعم نفعا، بل لعله الظاهر من كلماتهم.
هذا والمراد من قولهم (قضى له به) ليس المراد منه ما هو ظاهره من قضاء الحكم، بل قبول قوله في ترتيب آثار الملك له وجواز المعاملة معه عليه. وما ذكرنا من الاحتمالات في نفي اليد في القاعدة الأولى يجري مثله في نفي المعارض والمنازع في القاعدة الثانية، وستعرف الحال بالنسبة إلى محتملاته في آخر المسألة.
إذا عرفت ذلك فنقول: يدل على الأولى من القاعدتين مضافا إلى الاجماع المحكى مستفيضا المعتضد بالشهرة المحققة فضلا عن المنقولة صحيحة