بعد محكوميته وهذا بخلاف ما لو تنازعا في وقوع أصل المعاملة وعدمه فإن المدعى منهما من يزعم وقوعها، لأنه يدعي خلاف الأصل، وهو أصل العدم وهو المعمول به حيث لا أصل يحكم عليه هنا. ولعل التعريف به حينئذ يرجع في المعنى إلى التعريف الأول لعدم الانفكاك بينهما.
ثم الظاهر من (الظاهر) الذي أنيط بمخالفته صدق المدعي في التعريف: هو الظهور النوعي الناشئ من الغلبة، دون ظاهر حال الشخص فإنه لاختلافه بحسب الأشخاص والأحوال غير صالح لجعله ميزانا في الصدق وعليه فيكون التعريف به أعم مطلقا من التعريف بمخالفة الأصل، بناء على اعتبار الأصول من باب الظن النوعي، وإرادة ما يعم الظهور العرفي من التعريف بمخالفة الظاهر. وإن اعتبرناها من باب التعبد خرجت الأصول عن التعريف، وكانت النسبة حينئذ بينه وبين التعريف بمخالفة الأصل عموما من وجه: يجتمعان في مورد، ويفترقان في آخر، كما لو ادعت الزوجة بعد الطلاق الدخول بها مع الخلوة قبله مع ادعاء الزوج عدمها، فإنها مدعية على التعريف بمخالفة الأصل والزوج منكر، وبالعكس على التعريف بمخالفة الظاهر لغلبة وقوع الوطئ ممن هو حديث عهد بالعرس مع الخلوة بها باسدال الستر وإغلاق الباب الكاشفة عنه كشفا ظنيا، وكانت أمارة عليه معتبرة شرعا بما دل عليها من الأخبار المستفيضة. وحيث أردنا بالأصل القاعدة الشرعية المعمولة في تلك الخصومة اندرج فيه التعريف بمخالفة الظاهر، إن خصصناه بما كان ظهوره معتبرا شرعا، وإن عممناه لما يشمل الظهور العرفي كان أعم من وجه، كما يظهر من بعض في مسألة: ما لو اتفق الزوجان على إسلامهما قبل المسيس، واختلفا في التقارن وعدمه، فادعت الزوجة سبق اسلامها على الزوج فيبطل به النكاح، وادعى الزوج عدمه والتقارن فيه فالنكاح باق، فالزوجة مدعية على التعريف بمخالفة