وأما تقدمها عليه على بقية الأقوال في كيفية اعتبارهما، فلأنه لما لم ينفك مورد (اليد) غالبا من استصحاب مخالف لها في الاقتضاء، كان اعتبارها لولا التقدم لغوا وحمل الأخبار الكثيرة على فرض مورد نادر يمكن فيه التفكيك بينهما كما لو علم دخول المباح أما في ملك زيد أو عمرو دون غيرهما وشاهدناه في يد أحدهما، فاستصحاب عدم الملك بالنسبة إلى من هو في يده معارض بمثله في الآخر، وبعد التساقط يحكم به باليد لصاحبها، بعيد عن الصواب.
هذا ويظهر من بعض إلغاء اليد في صورة التداعي بتقديم الاستصحاب عليها، وهو ليس يجيد إلا في صورة ما لو اعترف ذو اليد بسبق يد المدعي أو ملكه، فيطالب هو بالبينة، لأن اعترافه بذلك متضمن لدعوى انتقاله منه إليه، فيكون، مدعيا يطالب بالبينة. وبالجملة: ذو اليد إن لم يعترف بسبق الملك لأحد أو اعترف، ولكن لغير من يدعى عليه من غيبته، بل وحضوره مع سكوته، قدم قول ذي اليد. ولا كذلك لو اعترف به له لما عرفت من تضمن اعترافه له دعوى الانتقال منه إليه فتلغو يده وبطالب بالبينة. بل ويحتمل أن يكون مثله في لغوية اليد ومطالبته البينة ما لو اعترف لغيره ممن لو تم له لكان للمدعي، لأنه يمت به، كما لو اعترف به لمورثه مثلا فإن الاعتراف بسبق الملك له كالاعتراف بسبق الملك لنفس المدعي وبعبارة أخرى: فرق في الاعتراف لغير المدعي بين من كان ملك المدعي في طول ملك المعترف له أو في عرضه في لغوية اليد في الأول، وعدمها في الثاني.
ولعله بذلك يتشبث الخصم لتصحيح مطالبة (الأول) للبينة من ذي اليد في (حديث فدك) (1) بعد اعترافه بالنحلة من رسول الله صلى الله عليه وآله