شئ أقوى من البينة، حتى يكلف المدعي بإقامته مع حصر ميزان القضاء بالبينات والأيمان كون الأولى على المدعي والثانية على المنكر. هذا مضافا إل أن اعتبار إمارة اليد من باب الغلبة المنكشف بها حال المشكوك من حيث كونه مشكوكا إلحاق له بالغالب، فالحيثية المزبورة مأخوذة في موضوعها والبينة، وإن كانت أمارة كاشفة عن الواقع عند الجهل به، إلا أن الجهل لم يؤخذ موضوعا في اعتبارها، فالجهل مورد للحاجة إليها غالبا لا أنه مأخوذ في موضوع اعتبارها. وبعبارة أخرى: البينة معتبرة في مورد الجهل بالواقع لكن لا من حيثية الجهل به كالدليل الاجتهادي المعتبر طريقا في معرفة الأحكام المفيد للظن لا من حيث الجهل بحكم مورده، بخلاف الغيبة، فإنها معتبرة في الحاق المشكوك من حيث كونه مشكوكا بالغالب للظن الحاصل من الغلبة، فحصول الظن بها إنما هو بعد ملاحظة الغلبة في أكثر الأفراد والشك في فرد خاص، فيحصل الظن باللحوق كالاستصحاب المأخوذ فيه الشك بناء على اعتباره من باب الظن النوعي، وبناء العقلاء المستفاد امضاؤه من الأخبار ولا كذلك البينة، إذ لا يتوقف حصول الظن بها على ملاحظة الجهل في موردها، فالأمارات كما تحكم على الأصول كذلك يحكم بعضها على بعض، فما كان ملاحظة الشك مأخوذة في موضوعه كان محكوما لما لم تكن مأخوذة فيه لكونه رافعا لموضوعه، غير أنه لما كان ظنيا كان حاكما. ولو كان علميا لكان واردا عليه.
ثم البينة: إن شهدت بالملك المطلق أو بالفعل، قدمت على اليد، وإن شهدت به في الوقت السابق لم تقدح في اعتبار اليد، لعدم المنافاة بينهما، لاختلاف زمانهما، إلا بالاستصحاب الذي قد عرفت حكومة اليد عليه ومنه يظهر الوجه بالأولوية في تقديم اليد اللاحقة على اليد السابقة.
(لا يقال): إن حكومة اليد على الاستصحاب تنافي تقدم البينة