التقدير والحذف في الجملة في المقامين، إنما الكلام في تعيين المقدر والمحذوف فيهما. والأظهر بل الظاهر، بل المتعين من سياق أمثال المقام بحسب المتفاهم عند العرف من نحو قولهم: على زيد مال عمرو، وعليه دين، وعليه دم فلان، وعليك تفاوت قيمة ما بين الصحيح والمعيب في قول الصادق عليه السلام في صحيحة أبي ولاد، إلى غير ذلك من الأمثلة هو الأول، فإن الأنسب بجعل التأدية غاية لحمل المحمول المقدر على الموصول هو ذلك، دون المعنى الثاني الذي حاصله: واجب أو لازم على اليد حفظ المأخوذ أو رده أو تأديته إلى أن تؤديه، فإن ذلك بين ما هو اظهار لحكم بديهي كتقدير الحفظ، وما يوجب النفرة كتقدير الرد أو التأدية، مع استلزامه خلو الحديث عن ذكر ما هو حكمه بعد التلف، ويكون على الأول أتم فائدة وأعم نفعا. وحيث تعين المعنى الأول، فالمستفاد منه هو حكم الوضع، وإن استلزم التكليف بدليل خارج أو بإجماع مركب ونحوه، فمن يدعي ظهوره في الحكم التكليفي، فلعل دعواه ناشئة من الغفلة عن الفرق في مدخول كلمة (على) بين ما كان من الأفعال نحو (عليك بالصدقة وعليك بصلاة الليل وأداء الفرائض) ونحو قوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت " وما كان من الأعيان كالأمثلة المتقدمة، فدعوى الظهور في بيان الحكم التكليفي مسلمة في الأول، وممنوعة في الثاني، بل الظاهر فيه كونه بيانا للحكم الوضعي، وإن لم ينفك عن التكليف.
هذا مع امكان أن يقال: بعدم الحاجة إلى الحذف والتقدير على تقدير كونه بيانا للحكم الوضعي بدلالة كلمة (على) الموضوعة للضرر على العهدة والضمان، كدلالة (كلمة اللام) على الملك المتعلقة بالأعيان والأموال عند الاطلاق، فإنها منصرفة إلى الاختصاص المطلق المساوق للملكية والملازم لها، وإن كانت في الأصل موضوعة لمطلق الاختصاص