وفي حين تتواصل التجارب العلمية على المادة وتستمر وتميط اللثام عن كل جديد وغريب في هذا الكون، يبدو أن النظرية القائلة بأن الوجود هو المادة اللا متناهية، وأن ما يبدو في أعيننا كالخلاء هو مجال إشعاع المادة، هي نظرية غير بعيدة عن الواقع، وخليق بالعلماء أن يتأملوها ويتابعوها.
وللعالم الفيزيائي المعاصر إسحاق أزيموف (1) الذي ولد في روسيا وهاجر إلى الولايات المتحدة، نظرية علمية عن المكان تجدر الإشارة إليها.
يقول أزيموف: " إن المكان هو المادة وإشعاعاتها "، وإن المادة الأصلية هي نواة الذرة أو النواة المجتمعة، وإن الأمواج المشعة الصادرة من هذه النواة يزيد ضغطها ووزنها باقترابها من النواة، وينقص بابتعادها عنها، دون أن يقلل ذلك من سرعتها.
ويمكن تشبيه النواة بمصباح ينشر الضوء في ما حواليه. فإذا ابتعدنا عنه، قل الضوء دون أن تقل سرعته (وسرعة الضوء هي 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة). بل إننا إذا ابتعدنا عن المصباح حتى لم نعد نرى ضوءه، ظل الضوء موجودا ومحتفظا بسرعته المعتادة يتحرك وينتشر حول المصباح. وهو لا يصل إلينا لأن لأعيننا وآذاننا وحاسة اللمس عند الإنسان قدرات معينة لاستقبال الموجات لا تتعداها، فإن ابتعدنا عن المصباح المضئ في الدار حتى غاب نوره عن أعيننا، فنوره باق، وهو ينطلق بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية، كما قلنا قبلا، وإن كانت عيوننا لا تدركه حتى ولو انحنى في أثناء سيره.