من شأنه انتفاء المادة تماما إذا جردت من هذه القوة، ولو انقطعت موجات الجاذبية لما بقي على قيد الحياة كائن حي، ولا بقي في الدنيا جسم جامد ولو للحظة واحدة.
أوردنا في ما تقدم خلاصة للنظريات التي قال بها علماء الفيزياء في القرن التاسع عشر والقرن العشرين بشأن الزمان والمكان.
فإن عرفنا بعد ذلك أن رجلا جاء قبل اثني عشر قرنا ونصف القرن وتبنى مثل هذه النظرية بشأن المكان والزمان، أفلا يستحق منا تقديرا وإجلالا؟
أو ليس هذا دليلا على أنه ذا عقلية سبق بها عصره وعصورا أخرى كثيرة، وإنه كان فذا في تفكيره الكاشف؟
إن هذا الرجل هو جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) الذي عاش في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة، وساق نظريات حول الزمان والمكان تتفق مع نظريات العلماء المعاصرين، ناهيك عن أن تعريف الزمان والمكان لدى الصادق (عليه السلام) كان خلوا من المصطلحات والمعادلات العلمية الحديثة، وكان مصوغا في قالب سهل المأتى، واضح المعنى.
ففي رأي الصادق (عليه السلام) أن الزمان غير موجود بذاته، ولكنه يكتسب واقعيته وأثره من شعورنا وإحساسنا، كما إن الزمان هو حد فاصل بين واقعتين أو وحدتين.
وهو يرى أن الليل والنهار ليسا من أسباب تشخيص الزمان ومعرفته، وإنما هما حقيقتان مستقلتان عن الزمان، يضاف إلى ذلك أن الليل والنهار ليس لهما طول ثابت، فالليل يقصر في الصيف ويطول في الشتاء، والنهار على عكسه، وهما يتعادلان أحيانا.
وفي رأي الصادق (عليه السلام) أيضا أن للمكان وجودا تبعيا لا ذاتيا، وهو يتراءى