إن المادة هي المكان، وحيثما وجدت وجد المكان، وإلا انعدم.
ولو سئل واحد من هؤلاء العلماء: وماذا تقول في الطائرة التي تقلع من مكان وتنتقل بسرعة فائقة إلى حيث تحط في مكان آخر؟ وما القول في سفينة الفضاء، وأين هي تطير؟ لجاء الجواب: إنها تطير في المادة!
ويشك البعض في صحة هذه النظرية، لأن المعروف أن الهواء ينتشر في الفضاء بأجزائه وذراته على امتداد مسافة معينة قد لا تتجاوز ثلاثة آلاف كيلومتر، يليها الفضاء الطلق الفسيح الذي لا توجد فيه إلا أمواج الأثير كأشعة الضوء أو الأمواج الكهربائية أو الجاذبية المغناطيسية، ولا أثر للمادة في هذا الفضاء الفسيح حتى تسبح فيه سفن الفضاء.
ولكن المنكرين لهذه النظرية يقولون إن الفضاء الذي تسبح فيه سفن الفضاء هو في حقيقته الحد الفاصل بين نواة الذرة وألكتروناتها، وإن الحد الفاصل بين نواة الذرة وأجزائها من الألكترونات هو في حقيقته كالحد الفاصل بين قرص الشمس والسيارات. وهذه الفاصلة (سواء أكانت في الوحدة الذرية أم وجدت بين الشمس وبين الأرض أو الزهرة وغيرها من الأجرام) هي جزء من المادة، والدليل على ذلك أن الجاذبية تمر فيها، وقوة الجاذبية لا تنفصل عن المادة، ولا تنفصل المادة عنها.
ولسنا نرى في هذه النظرية فرقا بين الطاقة والمادة، وكلتاهما تعتبران أمرا واحدا، ولكنهم كانوا يقولون إن للمادة خواص تختلف عن خواص الطاقة، والواقع المؤكد هو أن العلماء منذ القرن الثامن عشر انتهوا في أبحاثهم إلى أن المادة والطاقة وجهان لشيء واحد، في حين إن تعريف المادة والطاقة في علم الفيزياء الحديث يتخذ أبعادا أخرى. وإلى بداية القرن العشرين، كان من الجائز تعريف