الذين لا يعرفون القراءة أو الكتابة، فكيف بعامة الناس.
ولم تعن بحفظ الكتب وصيانتها في أوروبا إلا المراكز الدينية الهامة، ولولا سعيها إلى صيانة المؤلفات المدونة باللغات اليونانية واللاتينية والسريانية، لما انتهى تراث اليونان والرومان إلى الأمم الأوروبية اليوم.
كانت مكتبة الفاتيكان، كما سلف القول، أغنى المكتبات بمقتنياتها من كتب اليونان واللاتين القديمة، ولكن الانتفاع بذخائرها كان مقتصرا على ذوي الرتب المطرانية أو الكاردينالية من رجال الدين الذين تتألف منهم المجموعة المشرفة على الكنائس، فكان من حق هؤلاء فقط دخول مكتبة الفاتيكان وتناول ما فيها من كتب قديمة، أما اليوم، فقد تغير الوضع، وصار مسموحا لجميع رجال الدين بالتردد على المكتبة والانتفاع بكتبها بغض النظر عن رتبهم.
وهكذا نرى أن المساواة في البحث العلمي كانت منعدمة حتى في الكنائس الكاثوليكية، وإن النظام الطبقي الديني كان يحول دون الانتفاع بالمكتبة بالنسبة لصغار رجال الدين، إذ كان قادة الكنيسة وأساقفتها يرفضون أن يجلسوا جنبا إلى جنب مع صغار القساوسة في قاعات المكتبة للإطلاع على نفس الكتب والمراجع.
أما الإعارة الخارجية للكتب من مكتبة الفاتيكان، فكانت محظورة، مما ساعد على حفظ هذه الكتب من الضياع، وما زال هذا التقليد مستمرا إلى يومنا هذا. فالكتب لا تعار وإنما يجوز تصويرها.
وكما سبق القول، فقد أتيحت للكردينال نيقولا دوكوزا فرصة دخول مكتبة الفاتيكان وتناول ما فيها من كتب، يضاف إلى ذلك إنه كان يجيد اللغة اليونانية، فاستطاع بذلك الوقوف على كتب فلاسفة الإغريق، ومنهم أرسطارخوس