الكاردينال نيقولا دو كوزا في عام 1460 م فتصدى لهذا الرأي بالمعارضة الجريئة.
فقد كان العرف المتبع في ذلك الوقت هو منع صغار رجال الدين من دخول مكتبة الفاتيكان الغنية بالكتب والمراجع، في حين إن القساوسة من ذوي الرتب الدينية الرفيعة كان حقهم التردد على المكتبة والانتفاع بما فيها من ذخائر. ويعزى الفضل إلى مكتبة الفاتيكان في نقل القسم الأعظم من معارف الأمم الإغريقية والرومانية وثقافاتها إلى الأمم الأوروبية والأمريكية.
صحيح إنه كانت في أوروبا مراكز ومكتبات علمية أخرى، ولكن هذه المراكز لم يكن لها أثر إيجابي في حفظ تراث الإغريق والرومان ونقله إلى الأوروبيين، لأنها لم تحظ بما حظيت به مكتبة الفاتيكان من أسباب الرعاية والوقاية من آثار الحروب والدمار التي حلت بأوروبا، ولا عجب فالجيوش والأمم المتطاحنة هي جيوش وأمم مسيحية ممن تحاذر إلحاق أي أذى بالفاتيكان الذي يضم المقر البابوي، أو بمكتبة الفاتيكان، تقديسا منها لباب روما، وهكذا نجت مكتبة الفاتيكان من آثار الحروب. يضاف إلى ذلك أن هذه المكتبة كانت على الدوام مسندة إلى عدد من القساوسة والعلماء المسيحيين، يشرفون عليها ويحرصون على ذخائرها ويصونونها من أيدي العبث والتلف.
بل إن الجامعات الأوروبية القديمة، كجامعات بادوا في إيطاليا وأوكسفورد في إنجلترا والسوربون في فرنسا لم يكن لها ما لمكتبة الفاتيكان من دور في حفظ التراث العلمي والأدبي لليونان والرومان ونقله، لأنها جميعا أسست في الألف الثانية بعد الميلاد، واستفادت بعد تأسيسها من مكتبات الفاتيكان وغيرها من المراكز الدينية التي حرصت على صيانة الكتب.
أما ملوك أوروبا وأمراؤها وأشرافها فكانوا في غالبيتهم من الأميين