الثلاثة العظام، لعاش ديكارت بدوره في نفس الظلمات التي عاش فيها قوم كثيرون قبل ظهور هؤلاء في متطاول القرون.
وعندما صوب غاليلو منظاره الفلكي إلى قبة السماء في عام 1610 م، كان ديكارت ما زال في الرابعة عشرة من عمره، ولولا العلم الذي أتى به كوبر نيكوس وكبلر وغاليلو، لما استطاع ديكارت التخلص من مخلفات التفكير السائد في المجتمع، وإرساء قواعد البحث والتحقيق المنهجي في عصر النهضة.
ومعروف أن العلوم سلسلة متصلة الحلقات، وإن كل علم إنما يعين في كشف علم آخر، وهلم جرا.
ولا ريب في أن جهل الإنسان بحقيقة كون الأرض والسيارات الأخرى تدور حول الشمس، قد قعد به عن متابعة البحث والتحقيق، وقص جناحيه حتى لا يحلق في آفاق العالم الرحيب، وكان المسؤول الأول عن هذا القعود هو الرأي العلمي الخاطئ الذي قال به المعلم الأول (أرسطو) والذي ساعد على تعزيزه ما كان يتمتع به من نفوذ علمي، كما سبق القول، فلم يجرؤ أحد على معارضة رأي أستاذ يعد في عصره أستاذ الأساتذة.
وجاء العالم الجغرافي المصري بطليموس بعد أرسطو بخمسة قرون، فأكد نظريته الخاصة بدوران الشمس والكواكب حول الأرض، وبأن الأرض نفسها ثابتة لا تتحرك.
ومن العوامل الهامة أيضا في ترسيخ نظرية أرسطو واستمرارها موقف الكنائس المسيحية التي اعتقدت تأكيدا لهذه النظرية أن الأرض هي قاعدة العالم ومركزه الثابت، وأنه لولا ذلك لما ظهر فيها ابن الله (المسيح)، ومن هنا اعتبرت هذه النظرية عقيدة ضرورية لكل مسيحي.