ولا ريب في أنه لو استمر في بحوثه العلمية لاستطاع الاهتداء إلى نتائج هامة أخرى، غير أنه انضم إلى حركة الثورة الفرنسية، وأيد المناضلين الفرنسيين، فجلب على نفسه سخط الإنجليز وبغضهم، واضطر إلى مغادرة وطنه بريطانيا إلى أمريكا حيث قضى بقية عمره، وهناك ألف ثلاثة كتب، ولكنها مبتوتة الصلة بالهواء أو بالمسائل العلمية التي كانت شغله الشاغل قبل ذلك.
والحقيقة التأريخية هي أن جعفرا الصادق (عليه السلام) هو أول من اهتدى إلى الأوكسجين أو مولد الحموضة، وأغلب الظن أنه اهتدى إليه وهو ما زال في مدرسة أبيه الباقر (عليه السلام). ولما شرع بعد ذلك في إلقاء دروسه المتصلة في حلقاته، أعمل فكره، وانتهى إلى أن الهواء ليس عنصرا بسيطا بل هو مركب من عناصر مختلفة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن جعفرا الصادق (عليه السلام) لم يطلق على الأوكسجين اسم مولد الحموضة، ولكنه سبق غيره في الإشارة إلى أن الهواء هو مزيج من عناصر شتى يساعد بعضها على تنفس الكائنات الحية كما يساعد على الاحتراق.
ومضى الصادق (عليه السلام) في سبيله، فتوصل إلى أن محتويات الهواء لو جزئت، لكان من فعلها النفاذ في الأجسام وتذويب الحديد.
إذن، فقد كان جعفر الصادق (عليه السلام) سابقا بألف سنة على بريستلي ولا فوازييه في اكتشاف الأوكسجين، وإن كان لم يطلق عليه اسم الأوكسجين ولا اسم مولد الحموضة كما ذكرنا آنفا. ثم إن لافوازييه الذي عين خصائص الأوكسجين، لم يوفق إلى تجربة ذوبان الحديد بفعل الأوكسجين، وهي التجربة التي اضطلع بها جعفر الصادق (عليه السلام) قبله بألف عام.
وقد برهن العلم الحديث على أنه متى حمي الحديد بالنار إلى درجة الاحمرار، ثم وضع في أوكسجين خالص، اشتعل وانبعث منه شعلة مضيئة شبيهة بالفتيل الذي كان يغمس في الزيت في المصابيح القديمة، وإن تكن الشعلة أقوى وأشد