بإفسادها وتحللها وتآكلها.
ولا ننسى أن هذا العنصر الهوائي يقوم بدور الوسيط في هذه العمليات، ومن هنا استطاع جعفر الصادق (عليه السلام) معرفة الأوكسجين.
ظن العلماء والباحثون في بادئ الأمر بعد اكتشاف الأوكسجين على يدي (بريستلي) وبعد تحديد خواصه وآثاره وتغيير شكلها، فلما جاء العالم الفرنسي (لويس باستور) واكتشف الجراثيم، قال: إن التغيير الذي يطرأ على شكل بعض المواد، كالأغذية ويؤدي إلى فسادها، إنما يعزى إلى الجراثيم وليس إلى الأوكسجين، كما قال إن الجراثيم تهاجم المواد الغذائية وتحللها، فيدب فيها الفساد.
غير أن (باستور) لم يبين نوع العلاقة بين الجراثيم والأوكسجين، ولا توصل إلى أن الفساد الذي تحدثه الجراثيم، إنما يتم في وجود الأوكسجين، ولولا هذا الغاز، لما تمكنت الجراثيم من البقاء على قيد الحياة أو التأثير في المواد. أما جعفر الصادق (عليه السلام)، فقد قال: إن الهواء جزءا (يعني الأوكسجين) يؤثر أحيانا وبالواسطة في تغيير شكل المواد، ويؤثر أحيانا بغير واسطة متى تعرض لها الحديد بصورة مباشرة، فيحدث ما يسمى بالتأكسد (Oxyde) أو الصدأ.
ولئن كانت هذه النظرية الدقيقة تستعصي على الكشف إلا في المختبرات وإلا بالتحليل العلمي، فقد توصل إليها جعفر الصادق (عليه السلام) بفرط ذكائه ونبوغه، وإن كان الصادق لم يتوافر على إبراز ما للهواء أو الأوكسجين من خاصيات أخرى، فإنه اهتدى إلى أن الأوكسجين، الذي يعتبر عنصرا أساسيا في الهواء، والذي يغير أشكال المواد، والذي هو مناط الحياة، هو أثقل جميع العناصر الموجودة في الهواء.
وبعد ألف سنة، جاء لافوازييه، فأكد هذه النظرية، وزاد عليها بتعيينه وزن الأوكسجين ومقداره 9 / 8 الماء، أي إن في كل تسعة كيلو غرامات من الماء ثمانية كيلو غرامات من الأوكسجين. هذا من حيث الوزن، أما من حيث الحجم،