من العلوم إلا أخونا... " (1).
كما يشير أيضا إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو المصدر الأول الذي ورث عنه الإمام الصادق علومه بواسطة آبائه (2)، وهو ما يتفق مع عقيدة الشيعة في الإمام من أن معلوماته مستمدة من جده باعث الرسالة، التي يستمدها بدوره من الوحي وبإلهام من الله. يقول جابر: " وانظر يا أخي، وإياك والقنوط فيذهب بعمرك ومالك، فوالله ما لي في هذه الكتب إلا تأليفها والباقي علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
ومن هنا لا تكون قضية خروج الإمام من المدينة أو عدم خروجه، عقدة تتحكم بواقعية العلاقة العلمية بين الإمام وجابر كما يفترض (روسكا).
إذ لا يبقى مجال للتساؤل عما إذا كان الإمام قد خرج من المدينة؟ لأن المدينة على حد زعم (روسكا) كانت بعيدة عن أجواء الثقافة اليونانية التي يفترض أنها المصدر لعلم الصنعة وغيره من العلوم التجريبية الأخرى.
ولو حاولنا التخلي عن هذا الجانب من التفسير لمصدر علم الإمام في هذا المجال، إستجابة للفهم الموضوعي الذي يحاوله (روسكا)، فليس هناك من شك أن الإمام قد خرج من المدينة إلى العراق وأقام بها مدة من الزمن في خلافة السفاح والمنصور، إذا كان خروجه من المدينة له تأثير في افتراض كونه مصدرا للمعلومات التي قدمها جابر في علم الكيمياء.
على إن المدينة كانت مقصدا لعباقرة العلم وأفذاذه. وليس ما يمنع من أن يكون من روادها من كان يملك أصول هذا العلم وأسراره، على أن المدينة لم تكن