وقد تبعه على ذلك تلميذه (كراوس) كما يتراءى من خلال كلماته، وفي تصورهما أن الرسائل الخمسمائة المنسوبة لجابر بزعمهما، هي لعدة علماء، كما إن بعضها قد لا ينسجم في بعض لفتاته مع تفكير القرن الثاني الهجري واتجاهاته كبعض الاصطلاحات المذهبية التي تمت للاتجاه الإسماعيلي بصلة بارزة، غفلة عن إن تلك الاصطلاحات ربما يكون مأخذها من مؤلفات جابر نفسها. ولماذا نفترض إحداثها بعهد سابق عليها؟ كما إن التقاءه على نحو الصدفة مع بعض اصطلاحات الإسماعيلية لا يستدعي افتراض مثل هذه التشكيكات.
وليس من المنطقي أن نفترض أن تلك المؤلفات هي من عمل بعض العلماء المتأخرين عن ذلك العصر، ونسبتها لجابر هي من صميم رغبة هؤلاء العلماء لإعطائها صفة مقدسة عندما تلتصق مضامينها بالإمام الصادق الذي يعترف جابر في بعض رسائله إنها من تعاليمه ومعطياته. يقول جابر:
"... وحق سيدي، لولا أن هذه الكتب باسم سيدي صلوات الله عليه لما وصلت إلى حرف من ذلك إلى آخر الأبد لا أنت ولا غيرك إلا في كل برهة عظيمة من الزمن... ".
ويقول في كتابه الحاصل: " ليس في العالم شيء إلا وهو فيه جميع الأشياء، والله لقد وبخني سيدي على عملي فقال: والله يا جابر لولا أني أعلم أن هذا العلم لا يأخذه إلا من يستأهله، وأعلم علما يقينا أنه مثلك، لأمرتك بإبطال هذه الكتب من العالم، أتعلم ما قد كشفت للناس فيها؟ فإن لم تصل إليه فاطلبه فإنه يخرج لك جميع غوامض كتبي، وجميع علم الميزان وجميع فوائد الحكمة... " (1).