عن الغموض والتعقيد، لأنه يجعل من العلم ألغازا تؤدي إلى ضياع طالبيه، وأخيرا إلى ضياع العلم نفسه، يقول جابر في كتاب الرحمة ما نصه:
"... قال لي سيدي: يا جابر...
قلت: لبيك يا سيدي.
فقال: هذه الكتب التي صنعتها جميعها وذكرت فيها الصنعة وفصلتها فصولا، وذكرت فيها من المذاهب وآراء الناس، وذكرت الأبواب وخصصت كل كتاب، بعيد أن يخلص منها إلا الواصل (1)، والواصل غير محتاج إلى كتب، ثم وضعت كتبا كثيرة في المعادن والعقاقير، فتحير الطلاب وضيعوا الأموال، وكل ذلك من قبلك...
والآن يا جابر، استغفر الله، وأرشدهم إلى عمل قريب سهل تكفر به ما تقدم لك، وأوضح.
فقلت: يا سيدي، أشر علي أي الباب أذكر؟
فقال: ما رأيت لك بابا تاما مفردا، إلا رموزا مدغوما في جميع كتبك مكتوما فيها.
فقلت له: وقد ذكرت في السبعين، وأشرت إليه في كتب النظم وفي كتاب الملك من الخمسمائة، وفي كتاب صنعة الكون وفي كتب كثيرة من المائة ونيف...
فقال (عليه السلام): صحيح ما ذكرته في أكبر كتبك، وهي في الجمل مذكور، غير أنه مدغم مخلوط بغيره، لا يفهمه إلا الواصل، والواصل مستغن عن ذلك، ولكن بحياتي يا جابر، أفرد كتابا بالغا بلا رمز، واختصر كثرة الكلام بما تضيف إليه كعادتك فإذا تم فاعرضه علي...