ولا تتصور سببا منطقيا لأن ينتحل هؤلاء العلماء المزعومون شخصية جابر تلميذ الإمام الصادق، كمبدع لتلك الأفكار التي أودعوها مؤلفاتهم، بعدما بذلوا جهدا مضنيا في إبداعها وتحقيقها، يقول ابن النديم في كتابه " الفهرست ":
"... وقال جماعة من أهل العلم وأكابر الوراقين: إن هذا الرجل - يعني جابر - لا أصل له ولا حقيقة. وبعضهم قال: إنه ما صنف وإن كان له حقيقة إلا كتاب الرحمة، وإن هذه المصنفات صنفها الناس ونحلوها إياه، وأنا أقول - أي ابن النديم -: إن رجلا فاضلا يجلس ويتعب، فيصنف كتبا تحتوي على ألفي ورقة، يتعب قريحته وفكره وجسمه بنسخه، ثم ينحله لغيره إما موجودا أو معدوما، ضرب من الجهل، وإن ذلك لا يستمر على أحد ولا يدخل تحته من تحلى ساعة واحدة بالعلم، وأي فائدة في هذا وأي عائدة، والرجل له حقيقة وأمره أظهر وأشهر وتصنيفاته أعظم وأكثر، ولهذا الرجل كتب في مذاهب الشيعة، وقد قيل إن أصله من خراسان، والرازي يقول في كتبه المؤلفة: قال أستاذنا أبو موسى جابر بن حيان... " (1).
ولسنا بحاجة إلى أن نفترض لجابر عمرا طويلا يمكن أن يحتمل مثل هذا العطاء الغزير، بعد أن وجدنا جابر يعترف بأن مصدر إلهامه في هذا العلم وغيره هو أستاذه ومعلمه الإمام الصادق، وإن دوره هو التصنيف والتطبيق، يقول جابر:
" فوحق سيدي... إنه لغاية العلم ولو شئت لبسطته فيما لا آخر له من الكلام، ولكن هذه الكتب يا أخي معجزات سيدي وليس - وحقه العظيم - يظفر بما فيها