نزلوا (افعل) منزلة (افعل دائما)، إذ لا ريب أن الدوام لا يصدق على شيء من الصورتين المذكورتين، أي صورة إيجاد آثار عديدة بإيجاد واحد، وصورة حصول إيجادات كذلك في آن واحد.
نعم الإيجاد الواحد بجميع آثاره -، وكذلك الإيجادات العديدة الحاصلة في آن واحد - من أجزاء الدوام، فيكونان من أجزاء التكرار، والقائل به لا يقول بتحقق امتثال الأمر ببعض أجزائه، سواء جعله تكاليف عديدة مستقلة، أو تكليفا واحدا متعلقا بالمجموع.
أما على الأول فلأن المفروض أن عليه تكاليف عديدة فالإتيان بفعل واحد لا يكون امتثالا لجميعها حتى يكون امتثالا للأمر على وجه التكرار.
وأما على الثاني فواضح، فتدبر.
فيظهر من ذلك: أن الذي عبر عن المرة والتكرار بالفرد والأفراد أنه أراد بالمرة الإيجاد الواحد، وبالتكرار الإيجادات المتعددة المتعاقبة لا مطلقا، فعبر عن مراد القوم بعبارة أخرى، ولعل الداعي إلى تفسيره إياهما بذلك أنه ممن يقول بتعلق الأوامر بالفرد، فافهم.
ثم إن مقتضى ما قرره صدق المرة على أفعال متحققة في آن واحد، بأن يكون المجموع مصداقا لها حيث إنها وقعت دفعة.
لكن قال - دام ظله -: يشكل حمل المرة في كلام القوم هنا على ظاهره - وهو الدفعة مطلقا - حتى يدخل فيها الصورة المذكورة، فإنهم - حتى المفسرين للمرة بالدفعة لا الفرد - قالوا في الصورة المذكورة: إنه على القول بالمرة يحصل الامتثال بواحد من الأفعال المذكورة، وأما على القول بالقدر المشترك فالجميع امتثال.
فيظهر من ذلك: أن مرادهم بالدفعة المفسرة بها المرة إنما هو الإيجاد