وكذلك التكرار ظاهر في الدفعات، فإنه من الكر بمعنى الرجوع، وهو إنما يتصور بالنسبة إلى الأفعال التي [هي] من مقولة الإيجاد، دون الآثار، فلا يتصف به أيضا إلا المبادئ بمعانيها المصدرية.
وربما يتراءى من بعض: أن المراد بالمرة الفرد الواحد، وبالتكرار الأفراد المتعددة بحسب المقدور عقلا وشرعا ولم يتبين من كلامه: أن المراد الفرد والأفراد من الإيجاد أو من الآثار، ويحتمل كلامه لكل منهما لصحة اتصاف كل من الإيجاد والأثر الحاصل منه بالفردية، إذ الإيجاد الواحد فرد من الإيجاد المطلق، فضرب واحد فرد من مطلق الضرب، كما أن الأثر الواحد فرد من مطلق الأثر، فالأثر الحاصل من الضرب فرد من مطلق الأثر الحاصل به.
فإن كان مراده الاحتمال الأول، فيتصادق المرة والتكرار بهذا المعنى لهما - بمعنى الدفعة والدفعات غالبا - فيتصادق التكرار بهذا المعنى له - بمعنى الدفعات - فيما إذا أوجد الفعل إيجادا متعددا في أزمنة متعاقبة، بأن يكون كل إيجاد عقيب آخر، فهنا يصدق أنه أتى به دفعات، وأنه أتى بأفراد من إيجاد هذا الفعل، وتتصادق المرة بهذا المعنى لها بمعنى الدفعة الواحدة فيما إذا أوجده إيجادا واحدا بحيث لم يكن معه إيجاد آخر حاصل معه، فإنه حينئذ فرد واحد من الإيجاد ودفعة واحدة، ويفترق التكرار بهذا المعنى عنه بمعنى الدفعات فيما إذا أوجده متعددا - أي بإيجادات متعددة في زمان واحد، كما إذا ضرب بكلتا يديه، فأوجد بكل واحدة ضربا، أو أخذ بكل واحدة سيفا، فأوجد بكل منهما قتلا مثلا - فهنا يصدق التكرار بهذا المعنى، دونه بمعنى الدفعات، فإن تعدد الأزمنة وتعاقبها مأخوذة في مفهوم الدفعات، فهي لا تصدق إلا على الإيجادات المتعددة المتعاقبة.
وبعبارة أخرى: إن الدفعة عبارة عن إيجاد الشيء في آن واحد، فالدفعات إيجاداته في أزمنة متعددة متعاقبة.
هذا، لكن المرة بهذا المعنى لا تنفك عنها بمعنى الدفعة، وكذا العكس،