المخاطبين، واختفت علينا، مع أن الاجتماع إنما هو قرينة بالنسبة إلينا لا إليهم، فلا بد أن تكون شيئا آخر غيره بخطاب آخر متأخر عن ذلك الأمر مقرون بوقت الحاجة.
وثانيا: بأن العلم بكون المراد بأكثرها الندب ممنوع، فإن المسلم أن المندوبات أكثر من الواجبات، لكن لا ريب أن أكثر المندوبات إنما ثبتت بقاعدة التسامح، ولا ريب أن الحكم بالندب فيما إذا ورد أمر من جهة تلك القاعدة ليس راجعا إلى حمل اللفظ عليه، بل إنما هو حينئذ حكم على طبق الندب، لا على أن المراد بالأمر ذلك، فلذا تجري تلك القاعدة فيما إذا علمنا أن ذلك الأمر على تقدير صدوره لم يكن معه قرينة أصلا، وكيف كان فمهما ضعف خبر سندا أو من حيث وجه الصدور - وبعبارة أخرى: لم يكن جامعا لشرائط الدليلية - فحكمهم حينئذ بالندب من باب التسامح، لا من باب حمل الأمر حينئذ على الندب، وشتان ما بينهما.
وكيف كان، فالإنصاف عدم تحقق شيوع استعمال صيغة الأمر في الندب بكلا قسميه [1]، لما عرفت من الجواب عن التوهم المذكور.
ولو سلمنا تحققه في الجملة فهو إنما بالنسبة إلى استعمالات مجموع الأئمة عليهم السلام وهو لا يجدي.
فإن قيل: إن مجموعهم عليهم السلام في حكم متكلم واحد، فيكون الشيوع من المتكلم الواحد.
قلنا: كونهم عليهم السلام في حكم شخص واحد إنما هو من جهة أن بعضهم لا يخالف قوله قول الباقين، بل أقوالهم وآراؤهم متحدة، وأما من جهة أن ما استعمله بعضهم استعمله الآخرون فممنوع.