اتفاق العلماء على هذا المطلب يكشف عن رأي المعصوم وعن عدم رضاه بترك مقدمة الواجب كسائر اتفاقاتهم على سائر الأحكام الشرعية، وإنما يرد ما ذكر على تقدير [كون] معقد الإجماع المذكور هو ثبوت الملازمة عقلا بين طلب شيء وبين طلب ما يتوقف عليه.
هذا، لكن الإنصاف عدم سلامة الاستدلال عن المناقشة على هذا التقدير أيضا، لأنه لما كان الطريق إلى ثبوت المطلوب المذكور لا ينحصر في الشرعي - بل للعقل مدخل فيه أيضا - فذلك يوهن استناد المجمعين على وجوب المقدمة شرعا إلى ما وصل إليهم من صاحب الشرع لاحتمال أن يكون اتفاقهم ذلك لاجتهادهم بسبب الدليل العقلي، بل لعله أظهر الاحتمالين.
قال دام ظله: والظاهر أن مراد المستدل بالإجماع المذكور هو اتفاق العقلاء كافة، لا الإجماع المصطلح، فهو - على تقدير ثبوته كما هو الحق - كاشف عن حجية المدعى، وهذا هو المعبر [عنه] - في لسان بعض من وافقنا في المدعى - بالضرورة ()، ضرورة أنه لم يرد منها ضرورة الدين، لما يرى من الاختلاف في المقام، بل غرضه ضرورة العقل والوجدان، فافهم.
وأما الوجوه الرديئة:
فمنها: ما عن أبي الحسين البصري () من أنه (لو لم تجب مقدمة الواجب لجاز تركها، وحينئذ فإما أن يبقى وجوب ذيها، أو لا، فإن بقي يلزم التكليف بما لا يطاق، وإلا يلزم () خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا). انتهى.