به بقصد القربة، وليس هذا الأمر كسائر الأوامر التي تسقط عن المكلف بالإتيان بفرد واحد من المأمور به، كما في الأمر بالضرب الساقط بإيجاده في ضمن فرد منه بحيث لا يقتضي وجوب إيجاد جميع الأفراد، بل هذا الأمر - نظير قول القائل: أد الدين، أو أد الأمانة، ونظرائهما - ظاهر في إرادة الطبيعة بجميع أفرادها، ولعل القرينة على العموم في المقام الملازمة بين ترك الإطاعة - في بعض الأوامر وإن لم تترك كلية لمخالفة المولى - وعصيانه، وهو قبيح () جدا - فقبح ترك الإطاعة بطريق السلب الجزئي - لكونه ملازما للمخالفة والعصيان - قرينة على إرادة الإيجاب الكلي في الأمر بها، كما أن القرينة عليه في مثال الأمر بأداء الدين أن الغرض من أدائه إنما هو تخليص النفس عن مهانته، مضافا إلى الخروج عن تبعة العقاب عليه، وهو لا يحصل إلا بأدائه إلى مثقال ذرة منه، وفي مثال الأمر بأداء الأمانة هي التخلص عن قبح الخيانة، وهو لا يحصل إلا بردها إلى الدينار منها.
وبالجملة: فالآية دالة على وجوب الإتيان بجميع ما أمر به - سبحانه [و] تعالى - بقصد الطاعة، وهو المطلوب.
هذا، وقد أجيب عن الاستدلال بها بأن الإطاعة تطلق على معنيين:
أحدهما الإتيان بالفعل على وجه الامتثال، كما حملها عليه المستدل، والآخر مجرد عدم المعصية، والمتعين منهما هنا هو الأخير خاصة، إذ إرادة الأول مستلزمة لكون قصد الامتثال معتبرا في إطاعة الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كما تقتضيه قاعدة العطف، وهو فاسد بالإجماع.
لا يقال: إن إطاعتهم عين إطاعة الله تعالى فلا ضير في اعتبار قصد الامتثال فيها من هذه الجهة.