لنا: أنه لا مانع عقلا من ذلك عدا ما ربما يتخيل من استلزامه التكليف بما لا يطاق واجتماع الأمر والنهي، لكن النظر الدقيق يشهد بفساد ذلك التخيل، فثبت الإمكان، فلا بد إذن من بيان ذلك التخيل ثم توضيح فساده، فنقول:
أما بيانه: فهو أنه لا ريب أنه إذا علق وجوب الحج - المتوقف وجوده على ركوب الدابة المغصوبة مثلا، بمعنى أنه لا يمكن إيقاعه بدون الركوب عليها - على ركوبها ()، أو علق وجوب الوضوء - المتوقف وجوده على الاغتراف من الآنية المغصوبة - على الاغتراف منها بالنسبة إلى من يركب الدابة المغصوبة فيما بعد يقينا أو يغترف من الآنية المغصوبة فيما بعد كذلك سواء كان مأمورا بالحج والوضوء، أولا، كما هو مفروض البحث في الشرط المتأخر، حيث إن الكلام فيه في الشرط المتأخر الذي يحصل بعد يقينا وعلى كل تقدير، وقلنا بتنجز التكليف بالحج والوضوء وفعليته على المكلف قبل زمان الركوب والاغتراف المذكورين - كما هو مقتضى البناء على ما مر من جواز تعلق الوجوب السابق على الشرط المتأخر - فلا ريب () في تنجز النهي عن الركوب والاغتراف وفعليته على المكلف حينئذ أيضا، إذ المفروض أنه لم يأت وقت الركوب والاغتراف ولم يصدر عنه شيء من هذين، فالنهي عنهما الآن موجود على سبيل التنجز غير ساقط عن المكلف، ضرورة أن سقوط التكليف عن المكلف - أمرا كان أو نهيا - إما بالامتثال، وإما بالمخالفة، والمفروض أنه لم يتحقق شيء منهما من المكلف بعد حال تنجز الأمر بالحج والوضوء:
أما الامتثال فواضح، ضرورة أن امتثال النهي المطلق إنما هو بترك المنهي عنه بجميع أفراده في جميع الأزمنة والمفروض عدم مجيء الزمان اللاحق، فكيف