المقدمات المباحة المعلق عليها الوجوب أيضا، والتقدير وإن كان تقدير ارتكابه لها فيما بعد يقينيا، لكن المفروض ارتكابه لها فيما بعد عن اختياره، فيكون التقدير تقدير ارتكابه لها فيما بعد اختيارا، إذ لا ريب أن القطع بوقوع الأمر الاختياري فيما بعد لا يوجب كون ذلك الأمر واجبا [1] بحيث يضطر الإنسان إلى فعله، بل الفعل معه أيضا في اختيار المكلف بحيث إن شاء فعل وإن شاء ترك.
ولا ريب أن تعليق التكليف على حصول أمر اختياري - يمكن حصوله وعدمه فيما بعد، نظرا إلى إناطة كل منهما إلى اختيار المكلف - إنما يقتضي تنجزه على المكلف بحيث لا يجوز له مخالفته على تقدير ارتكابه لذلك الأمر، بمعنى أنه لو ارتكبه وترك الواجب بترك سائر المقدمات الوجودية يستحق العقاب عليه، لا أنه لا يجوز له مخالفته حتى بترك ذلك الأمر، بل له ترك ذلك الواجب بترك ذلك الأمر، فيكون حاصل مثل هذا التعليق كون الواجب منجزا على المكلف قبل صدور ذلك الأمر عنه بالنسبة إلى سائر المقدمات الوجودية - بمعنى أنه إذا كان بانيا على ارتكاب تلك المقدمة المحرمة، ويعلم أنه معاقب على ترك الواجب على تقدير ارتكابها - فيجب عليه تحصيل سائر المقدمات الوجودية للواجب فرارا عن العقاب الزائد على عقاب ارتكاب تلك المقدمة المحرمة، فتلك المقدمة المحرمة وإن كانت غير مقدورة له شرعا قبل ارتكابها، لكن التكليف بالنسبة إليها قبل ارتكابها لم يكن منجزا بحيث يعاقب على ترك الواجب المستند إلى تركها، حتى يلزم التكليف بما لا يطاق وبغير المقدور، وبعد ارتكابها وإن كان منجزا بحيث يعاقب على ترك الواجب حينئذ، لكن الواجب حينئذ ليس غير مقدور له شرعا حتى يلزم التكليف بغير المقدور، لأنه حينئذ لا يتوقف على