الوجود في الغد كما لا يخفى.
وهذا لا يختص بالشروط الزمانية، بل يجري في غيرها أيضا، فإن بقاء الاستطاعة إلى آخر () اليوم الثالث عشر من ذي الحجة بناء على عدم اعتبار مئونة ما بعد الحج، مع أن وجوب الحج حاصل قبل ذلك اليوم إذا كان التقدير تقدير بقائها إلى ذلك اليوم، بل ولا يعقل أن يكون ابتداء الوجوب في ذلك اليوم بمضي الوقت وتمام العمل.
وبالجملة: إذا علم بحصول الشرط فالوجوب متحقق، وإن علم بعدمه فلا وجوب أصلا، لقبح إيجاب شيء على من يعلم الآمر بعدم تمكنه منه، فجميع التكاليف في الواقع مطلوبات منجزات، لأن من تعلق به الخطابات المشروطة هو ممن كان واجدا للشرط دون غيره، إذ موضوع الحكم في الحج هو الشخص المستطيع، وهو بالنسبة إليه مطلق، فلو علق الوجوب بالنسبة إليه على الاستطاعة لكان لغوا كما لا يخفى.
وأما الشخص الغير المستطيع فلا توجه للخطاب إليه أصلا، وهذا التعليق الذي وقع في الخطابات الشرعية إنما () هو لتوجهها إلى عامة المكلفين من الواجد والفاقد، وإلا لم يحتج إلى التقييد بوجه.
فإذا عرفت ذلك فنحن لا نقول بجواز تأخير الشرط عن المشروط، ولا بجواز تقدمه عليه، ولا بعدم فاعلية الشرط في تأثير السبب، ولا بغير ذلك من لوازم الشرط، إذ لا يعقل القول بشيء من ذلك، وبان بذلك قوام معنى الشرطية، بل نقول: إن الوجود المتأخر شرط، لا الشرط متأخر، وكذلك في الماضي، فإن الشرط فيه أيضا هو الأمر المنقضي، لا أن الشرط قد انقضى.