وكيف كان، فمحل النزاع من الإجزاء إنما هو سقوط التعبد بالفعل ثانيا من غير خصوصية للقضاء أصلا.
وربما يستشهد لذلك: بأنه لو كان النزاع في خصوص القضاء لكان للقائل بعدم الإجزاء إذا أتى بالفعل في وقته على وجهه إثبات القضاء عليه بنفس الأمر الأول من غير حاجة له إلى دليل آخر، ولكل من الفريقين إثباته بنفس الأمر إذا أخل به في وقته لاتفاقهما على عدم الإجزاء حينئذ، والتالي باطل، لما نشاهد من عملهم من أنهم ليسوا متفقين على ذلك، بل يبنون ذلك على مسألة أن القضاء بالأمر الأول، أو بأمر جديد:
فمن ذهب منهم إلى الأول يثبته بذلك الأمر إذا لم يكن الفعل مجزيا على حسب معتقده.
ومن ذهب إلى الثاني يثبته بأمر آخر، وليسوا متفقين على إثباته بالأمر الأول، فالمقدم مثله.
بيان الملازمة: أن الإجزاء إذا كان عبارة عن إسقاط القضاء فيكون عدمه عبارة عن إتيانه، فالقائل بعدمه لا بد أن يقول بأن الأمر يدل على ثبوته من غير حاجة إلى أمر آخر. انتهى.
ويدفعه: أن مقابل إسقاط القضاء ليس إتيانه بل عدم إسقاطه، فالقائل بعدم الإجزاء يقول بأن الأمر لا يقتضي إسقاطه، لا أنه يقتضي ثبوته، فافهم.
وأيضا على تقدير كون عدم الإجزاء بمعنى الاقتضاء للقضاء لكان ذلك مشترك الورود بين المعممين للنزاع بالنسبة إلى الإعادة وبين المخصصين له بخصوص القضاء كما لا يخفى، إذ لو يبنى على اقتضاء الأمر لإثبات القضاء فهو مقتض له مع القول بدخول الإعادة في محل النزاع.
ثم إن استلزام سقوط الإعادة لسقوط القضاء عقلي - كما هو ظاهر عند