نفس طبيعة التعظيم المطلقة بالنسبة إلى أجزاء ذلك اليوم، وبالنسبة إلى أفرادها الواقعة فيه، فعظم له العبد دفعة، ثم عظم له أخرى بعد ساعة مع عدم المنع من المولى منه بعنوان تحصيل تلك الطبيعة المحبوبة لمولاه المكشوف عن محبوبيتها بالأمر، فلا يرتاب العقلاء في كون ذلك تعبدا للمولى، ولا يشكون في استحقاقه بذلك مزية الثواب عليه، ضرورة أنهم يستقلون بالفرق بينه في هذا الحال وبينه فيما إذا كان مكتفيا بالدفعة الأولى من جهة استحقاقه الثواب وعلو الرتبة عند المولى.
وبالجملة: وقوع فعل تعبدا من جهة أمر متقوم بأمور ثلاثة من غير حاجة له إلى شيء آخر أزيد منها:
أحدها: انطباقه على المأمور به بذلك الأمر - بمعنى صدق ذلك عليه - إذ الشيء الأجنبي عنه لا يعقل وقوعه تعبدا من الأمر المتعلق به.
وثانيها: بقاء ذلك المأمور به عند إيجاد هذا الفعل على صفة المحبوبية، إذ بدونها يكون هذا الفعل عبثا خارجا عن التعبد جدا.
وثالثها: عدم منع المولى من إيجاده لمنافاة طلب الترك لوقوعه تعبدا.
نعم لو كان المنافاة من جهة ارتفاع صفة المحبوبية فيختص ذلك بالمنع النفسي لا غير، كما احتملناه سابقا، إلا أنه يغني الشرط الثاني عنه، كما لا يخفى.
وكيف كان، فإذا كان ذلك الفعل مستجمعا لتلك الشروط فأتى به بعنوان انطباقه على محبوب المولى والذي أمر به من قبل، إما يجعل هذه () الجهة وصفا أو غاية، فيقع تعبدا من جهة ذلك الأمر جدا من غير حاجة إلى بقائه فعلا على صفة الحتم والإلزام، بل ولا على صفة الطلب - أيضا - ومن غير فرق فيه بين أن يكون هو أول المأتي به من المأمور به الواقع حال وجود الطلب أو ما بعده