الأولى من جهة سريان الحكم الثابت لها إلى جميع الأفراد.
قلنا: إحراز تعليق الحكم على الطبيعة نفسها مشترك الاعتبار في الصورتين إلا أنه يكفي في صورة النفي في ثبوت عموم النفي لجميع الأفراد مجرد إحراز هذه الصغرى من غير حاجة إلى ضميمة مقدمة أخرى - كما عرفت - بخلاف صورة الإثبات، ضرورة أنه يصحح ثبوت الحكم لبعض أفراد الطبيعة صدق ثبوته لنفس الطبيعة، فيقال - فيما إذا قام فرد من أفراد الرجل: إنه قام الرجل يعني طبيعة الرجل هذا بخلاف ما لو قام فرد منها ولم يقم آخر، فلا يصح أن يقال حقيقة: إنه ما قام الرجل أو لا رجل قائما، فإن ثبوت القيام بفرده الآخر له مانع عن صدق ذلك.
وهكذا الحال في صورة الإنشاء، فإنه يصح تعليق الحكم الإثباتي على نفس الطبيعة مع كونه ثابتا لبعض أفرادها، فيقال: (أعتق الرقبة) مع أن وجوب العتق ثابت للمؤمنة منها، بخلاف صورة النهي، فإن النهي عن فرد وطلب تركه لا يستلزم طلب ترك أصل الطبيعة لعدم الملازمة بين نفي فرد ونفي الطبيعة.
وكيف كان، فلما كان المصحح لصدق الثبوت على الطبيعة عقلا الثبوت بالنسبة إلى بعض أفرادها، فيجوز تعليق الإثبات على نفس الطبيعة، ويصدق الثبوت لها، فلذا لا يلزم من ثبوت الحكم لنفس الطبيعة سريانه إلى جميع أفرادها إلا بعد إحراز أن المتكلم في مقام بيان تمام مراده، وأنه لو كان المراد ثبوت الحكم لبعض أفراد المطلق - والمفروض إطلاق اللفظ - يلزم كونه مخلا بغرضه، لعدم صلاحية تعليق الحكم على المطلق لكونه بيانا لبعض الأفراد، فيجب أن يكون المراد ثبوت الحكم للطبيعة مع قطع النظر عن خصوصية أفرادها، فيسري الحكم لجميع الأفراد لذلك.
هذا بخلاف صورة النفي، إذ بعد كون وجود فرد واحد مصححا عقلا