والسر: أن اللفظ في تلك الصورة بمعونة العقل ظاهر في العموم، فهو بيان، فيتمسك بظهوره على العموم، بخلافه في الصورة الثانية، فان الذي يظهر منه التزاما بمعونة العقل إرادة وجود أحد الأفراد، وأما الزائد عليه فهو ساكت عنه، فيتوقف الحكم بالعموم على إحراز المقدمتين المذكورتين، ولذا يحكم بثبوت الحكم الثابت للطبيعة في تلك الصورة لكل واحد من أفرادها بعين ثبوته للطبيعة، فيحكم بثبوت الحرمة النفسية الثابتة للطبيعة لكل واحد من أفرادها كذلك، وكذلك في صورة ثبوت الحرمة الغيرية، فإنه يحكم بها كذلك لكل من الأفراد.
هذا بخلاف صورة الإثبات، كما إذا وجبت الطبيعة بالوجوب العيني، فإنه لا يسري ذلك الحكم إلى كل من أفرادها، بل الثابت حينئذ إنما هو الوجوب التخييري لا غير.
وأيضا اللفظ في الصورة الأولى ظاهر في العموم وبيان له، فلذا يعارض ما دل من الخارج على التخصيص، بخلافه في الصورة الثانية إذا الحكم بالعموم من جهة دليل الحكمة، فإن دليل الحكمة لا يجعله ظاهرا في العموم، فلذا لا تعارض بينه وبين ما دل على التخصيص، بل ذلك الدليل وارد على دليل الحكمة [1]، لكونه رافعا لموضوعه، وهو عدم البيان.
فإن قلت: إن الشك في إرادة العموم في صورة الإثبات إنما يكون من جهة الشك في تعليق الحكم على نفس الطبيعة، أو عليها باعتبار تقيدها ببعض الأفراد، فلو فرض إحراز أنه معلق عليها نفسها فالحال فيها كالحال في الصورة