وكيف كان فقد عرفت سابقا دخول اعتبار الطبيعة على هذا الوجه في القسم الثاني من الأقسام الثلاثة لاعتبارها، والكلام الآن في اعتبارها على الوجه الأول منها، وقد عرفت أن المصحح لصدق انتفائها وتركها عقلا - حينئذ - إنما هو انتفاء وترك جميع الأفراد، كما أن المصحح لصدق وجودها - حينئذ - عقلا وجود فرد منها، فيدل اللفظ بالالتزام العقلي من جهة إطلاق معنى المادة الذي هي الطبيعة في صورة النفي على انتفاء وترك جميع الأفراد بحيث يكون ظاهرا في عموم النفي على وجه لو جاء دليل من الخارج على خروج بعض الأفراد لعارض ظهوره ذلك الدليل، فيلاحظ قاعدة التعارض بينهما من التعادل والترجيح، وفي صورة الإثبات على إرادة وجود أحد الأفراد على البدل دون الأزيد، فالظاهر منه حينئذ ليس أزيد من فرد واحد على البدل لا غير، فلذا يحتاج عموم الحكم لجميع الأفراد إلى ملاحظة شاهد خارجي من دليل لفظي أو إجماع إن وجد أحدهما، وإلا فيرجع إلى دليل الحكمة لو جرى في المورد، فيتوقف الحكم بالعموم حينئذ على إحراز مقدمتي دليل الحكمة من عدم فائدة ثبوت الحكم لبعض الأفراد، ومن كون المقام مقام البيان [1]، والمقدمة الثانية لا تحرز غالبا إذا كان اللفظ واردا في مقام الحاجة والعمل، فإن الواجب من البيان هو في مقام العمل، وإلا لجاز تأخيره إلى وقت الحاجة. نعم لو لم يأت البيان إلى وقتها فالحكم كما في صورة وروده وقتها.
وكيف كان، فلا بد من إحراز كون اللفظ المطلق في مقام البيان وإلا لما جاز الحكم بالعموم. هذا بخلاف صورة النفي، فإنه يحكم به من حين ورود اللفظ مطلقا.