ثم إنه قال بعض المحققين عن المتأخرين () - بعد اختياره القول بعدم إفادة النهي التكرار -:
(ثم إن ما ذكرنا من حصول الامتثال بترك الطبيعة في الجملة إنما هو بالنسبة إلى الزمان والأفراد المتعاقبة بحسب تماديه، وأما الأفراد المتمايزة بسائر المشخصات فكلا، فمن () ترك الزنا بامرأة معينة وارتكب الزنا مع الأخرى فلا يحصل له الامتثال حينئذ لأجل ذلك الترك، فإن الطبيعة لم تترك حينئذ، مع أن الامتثال بالترك الآخر حينئذ محال لعدم المقدورية، لأن المقدور ما يتساوى طرفاه، فكما لا يمكن تحصيل زنائين في آن واحد لا يمكن ترك أحدهما في آن ارتكاب الآخر.
وبالجملة: فلا بد من ترك الطبيعة رأسا في آن من الأوان ليتحقق الامتثال، ولا يحصل إلا بترك جميع الأفراد). انتهى.
ولا يخفى ما فيه من الضعف لمن تأمل ما قدمنا، وتوضيحه:
أنه إما أن يجعل الطبيعة المتعلقة للنهي مأخوذة على الوجه الأول، وإما أن يجعلها مأخوذة على الوجه الثاني، فعلى الأول فهو وإن كان مستلزما للعموم بالنسبة إلى الأفراد الغير المتشخصة بالزمان، إلا أنه مستلزم للزمانية منها - أيضا - فيلزمه القول بالدوام مع أنه - قدس سره - لا يقول به ولا باعتبارها على ذلك الوجه - أيضا - كما هو الظاهر، وعلى الثاني - كما هو الظاهر من كلامه بل الصريح - فقد عرفت أنه لا يقتضي العموم بالنسبة إلى الأفراد مطلقا من غير فرق بين الزمانية منها وغيرها.
وكيف كان، فقد علمت أنه لا فرق بين الأفراد الزمانية وغيرها بوجه