سبيل التعيين أو التعين، وإن كان أصالة التأخر تقتضي كونه عن غير الواضع، فالأصل المشار إليه ليس في محله، فبما قررناه نجمع بين القياس اللغوي الجاري في تلك اللفظة، ونص أئمة اللغة الوارد على خلافه.
وبذلك يضعف ما عن الزمخشري في الكشاف من أنه قال: " طهورا أي بليغا في طهارته، وعن أحمد بن يحيى هو ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره، فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة، كان سديدا، ويعضده قوله: ﴿وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به﴾ (1)، وإلا فليس " فعول " من التفعيل في شئ " (2)، وما عن صاحب المغرب من قوله: " وما حكي عن ثعلب أن " الطهور " ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره " (3) إن كان مراده بيان النهاية في الطهارة فصواب حسن، وإلا فليس فعول من التفعيل في شئ، وقياس هذا على ما هو مشتق من الأفعال المتعدية ك " منوع " و " قطوع " ليس بسديد.
و ما عن الطراز: " أن فعولا ليس من التفعيل في شئ، وقياسه على ما هو مشتق عن الأفعال المتعدية كمنوع و قطوع غير سديد " (4)، إلا أن يكون المراد بذلك بيان كونه بليغا في الطهارة فهو حسن صواب، إذا كانت الطهارة بنفسها غير قابلة للزيادة، لترجع الزيادة إلى انضمام التطهير، لا أن اللازم قد جاء متعديا.
ووجه الضعف - فيما ذكره هؤلاء -: منع انحصار طريق الجمع بين القياس وما ذكروه في معنى " الطهور " - من المعنى المتعدي - في كون ذلك لبيان البلاغة في الطهارة، ومنع ابتنائه على القياس على ما اشتق عن الأفعال المتعدية أيضا، بل هاهنا شق آخر وهو الابتناء على ما ذكرناه من الوضع الثانوي، فإنه هو الذي لا محيص عن التزامه دون غيره من الاحتمالات السخيفة الغير المستقيمة.
كما يضعف أيضا ما قيل: من أن من ذكر أنه يراد بالطهور المطهر، أخذه من " الطهور " بمعنى ما يتطهر به، لا أن المراد بالطهور المطهر وضعا، إذ لا ريب في استفادة المطهرية منه على تقدير كونه اسما للآلة.