غير أنه لا محيص من تنزيله إليها، أو دعوى ابتنائه على تحقق النقل؛ لعدم انطباق المعنى المذكور على ما هو مقتضى القياس اللغوي في " فعول " بحسب ما ثبت فيه من الوضع النوعي بإزاء المعنى المبالغي، أو المعنى الوصفي المعبر عنه بلفظ " فاعل "، والوجه ما تقدم، فلابد وأن يستند هذا المعنى بوضع آخر لاحق بالوضع الأول النوعي، متعلق بلفظ " طهور " (1) بالخصوص، ولا نعني من النقل إلا هذا.
ويؤيده أيضا: أن ما يذكره أهل اللغة ليس مما يتلقونه عن الواضع الأول، بل إنما يأخذونه عن عرف أهل زمانهم، بملاحظة الاستعمالات الدائرة فيما بينهم، ومراجعة الأمارات الكاشفة عن أوضاعهم، فيكون ذلك الذي ذكروه للفظ " طهور " معنى عرفيا مستفادا عن أهل اللسان، لا معنى أصليا مستفادا عن واضع أصل اللغة، ولا ينافيه ما في تعبيرات بعضهم - فيما تقدم - بقولهم: " في اللغة "، لأن اللغة لها إطلاقات وهي في كلامهم عبارة عن عرف أهل اللسان، أو الألفاظ المتداولة فيما بينهم المستعملة في محاوراتهم، والنسبة بينها بهذا المعنى وبينها بمعنى عرف الواضع، أو الألفاظ الموضوعة التي وصل وضعها منه عموم من وجه، كما يظهر بأدنى تأمل.
لا يقال: حمل كلامهم على هذا المعنى، والتزام ابتنائه على تحقق النقل، ينفيه الأصل، وقضية ذلك كون " طهور " بهذا المعنى واصلا عن الواضع، ومعه لا معنى لدعوى النقل في تلك اللفظة.
لأن التزام النقل بملاحظة ما ذكرناه مما لا محيص عنه، وإن قلنا بأن المتصدي لوضعها بإزاء هذا المعنى هو الواضع؛ لأن المفروض لحوق هذا الوضع بالوضع الأولي المتعلق بالفعول نوعا، فيكون اللفظ مخرجة عن مقتضى الوضع الأولي النوعي إلى المقتضى الوضع الثانوي، من غير فرق بين كونه صادرا عن الواضع أو أهل العرف على