كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٦
وعداوته فالملازم على عن استند في كفر منكر الضروري إلى رجوع انكاره إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله ان لا يحكم بكفرهم من غير تفرقة بين كون هذا الانكار ناشيا عن قصورهم أو عن تقصيرهم غاية الأمر مؤاخذة المقصر على ترك التدين بما أنكره لو كان انكاره متعلقا بالعقايد كالمعاد ونحوه و الا فالعمليات لا عقاب فيها الا على ترك العمل فالمنكر لحرمة الخمر لا دليل على عقابه الاعلى نفس شرب الخمر لو شربها الاعلى ترك التدين بحرمتها لعدم قصد الشارع إلى التدين تفصيلا بالأحكام العملية أولا وبالذات وكيف كان فالمؤاخذة على ترك التدين لا يستلزم الكفر لأنه متوقف على التكذيب المنفى في المقام لكن الانصاف ان هذا القول مخالف لظاهر كلمات الفقهاء في حكمهم بكفر منكر الضروري على الاطلاق بل مقابلته لانكار الرسالة وفى حكمهم بكفر الخوارج والنواصب معللين بانكارهم للضروري مع ما هو المشاهد من كثير من هذه الفرق الخبيثة وانهم يتقربون إلى الله بذلك ولا يحتمل في حقهم رجوع انكارهم لحق أمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم إلى انكار النبي صلى الله عليه وآله وتكذيبه صلى الله عليه وآله مضافا إلى مخالفته لاطلاقات الأخبار المتقدمة في حصول الكفر باستحلال الحرام وتحريم الحلال سيما قوله (ع) في صحيحة الكناني المتقدمة فما بال من جحد الفرائض كان كافرا في رد من زعم كفاية الشهادتين في الاسلام وخصوص ما ورد في قتل كثير من مستحلى المحرمات كالخمر وترك الصلاة والافطار ونحو ذلك مع ما عرفت من أن عدم التدين ببعض الدين يوجب الخروج عن الدين فان مستحل ترك الصلاة يعد خارجا عن الدين فهو غير متدين بالاسلام وان ما ورد من أن الاسلام شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله محمول بقرينة ما سبق في الروايات على كونه هو الاسلام لمن أراد الدخول فيه والانتحال له في مقابل سائر الملل نعم هذا الوجه الأخير انما يدل على كفر المقصر في ترك التدين بالضروري دون القاصر لعدم تكليفه بالتدين بما جهله لكن لا حاجة إلى هذا الوجه في اثبات المطلب بل يشكل تماميته فإنه لو تم لاختص بما كان من الضروريات من قبيل العقايد كالمعاد ونحوه دون ما كان من قبيل الاحكام العملية كوجوب الصلاة وحرمة الخمر إذ لا دليل على وجوب التدين بمثل ذلك تفصيلا بحيث يعاقب على ترك التدين به كما يعاقب على ترك العمل بل الثابت هو الثاني لان الواجب فيه أولا وبالذات العمل كما عرفت سابقا نعم يجب التدين به اجمالا في ضمن الاقرار بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله إذ لا اشكال في وجوب الاقرار المذكور لعدم تمامية الاقرار بالرسالة بدونه لكنه لادخل له في وجوب التدين بالأحكام العملية ضرورية كانت أو نظرية وكيف كان ففي الاطلاقات المتقدمة من النصوص والفتاوى كفاية فيكون حال القاصر المنكر للضروري حال القاصر المنكر للنبوة فان الظاهر أنه لا اشكال في كفره ونجاسته وان فرضناه قاصرا إذ لا منافاة بين الكفر والنجاسة وبين عدم المؤاخذة والحاصل ان المنكر للضروري الذي لا يرجع انكاره إلى انكار النبي صلى الله عليه وآله إما ان يكون قاصرا واما ان يكون مقصرا وعلى التقديرين فاما ان يكون الضروري الذي أنكره اعتقادا من العقايد كالمعاد واما ان يكون فعلا كسب النبي صلى الله عليه وآله والقاء المصحف في بعض الأمكنة وإن كان الفاعل يعتقد وذلك حراما في الشريعة إذ ليس المأخوذ في الدين التدين بحكمه بل التدين بترك عمله فهذه أقسام ستة ظاهر اطلاق النصوص والفتاوى خصوصا اجماعهم على كفر الخوارج والنواصب مستدلين بانكارهم للضروري حيث إن عموم كلامهم للقاصر والمقصر من هذه الفرقة الحبيشة؟ ليس بأولى من عمومه للقسمين؟ من اليهود والنصارى الحكم بكفر جميعهم ويؤيدها ما ذكرنا من أن التارك للتدين ببعض الدين خارج عن الدين والسيرة المستمرة من الأصحاب في تكفير الحكماء المنكرين لبعض الضروريات مع العلم أو الظن بأنه لم يكذب النبي صلى الله عليه وآله في ذلك لا أقل من الاحتمال الا ان الانصاف ان في شمول الأخبار المطلقة المتقدمة الدالة على حصول الكفر بالاستحلال للقاصر نظرا ظاهرا ومنع وجود القاصر في الكفار كلام اخر واما نجاسة الخوارج والنواصب فنمنع كونها لمجرد الانكار للضروري فلعله لعنوانهما الخاص بل لا يستفاد من الاخبار الا ذلك كما في اليهود والنصارى فيكون ولاية الأمير والأئمة صلوات الله عليهم بمعنى محبتهم كالرسالة في كفر منكرها من غير فرق بين القاصر المقصر ولو سلم ما ذكر من الاطلاق فإنما هو في العقايد الضرورية المطلوبة من المكلفين التدين بالاعتقاد بها دون الاحكام العملية الضرورية التي لا يطلب فيها الا العمل فالأقوى التفصيل بين القاصر وغيره في الاحكام العملية الضرورية دون العقايد تمسكا في عدم كفر منكر الحكم العملي الضروري لعدم الدليل على سببيته للكفر مع فرض عدم التكليف بالتدين بذلك الحكم ولا بالعمل بمقتضاه لأنه المفروض ويبعد ان لا يحرم على الشخص شرب الخمر ويكفر بترك التدين بحرمته وصريح الأخبار المتقدمة في استحلال الفرائض في غير القاصر وقد تقدم ما ورد في درء الحد عمن لم يعلم بحرمة المحرمات ودعوى عدم الملازمة بين عدم الحد وعدم الكفر كما ترى بل ظاهر أدلة دفع الحد انه لا يحكم بارتداده لا انه مرتد لا يقتل ومنه يظهر ان من استثنى صورة المشتبهة عن وجوب الحد على شارب الخمر ونحوه ممن اعترف بعدم اعتقاده للحكم الضروري ظاهره استثناء ذلك عن الحكم بالارتداد فلا نقول بكونه مرتدا لا يحد واما الحكم بكفر منكر العقايد الضرورية فلعله الأقوى للاطلاقات المتقدمة وخصوص ما ورد في كل من العقائد من الحكم بكفر منكرها كما
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572