كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٦١٠
القلم فيخرج الصبى عن عمومه فثبوت استحباب ذلك الفعل بالنسبة إليه يحتاج إلى دليل اخر فاتيان الصبى بالواجب لا يتصف بالاستحباب كما لا يتصف بالوجوب اللهم الا فيما أمر المولى بأمره به لو قلنا بان المراد بالاستحباب مجرد إرادة وقوع الفعل في الخارج من الشخص وان لم يطلب فان الامر بالامر ليس طلبا للمأمور عن الثالث عن الثالث وخطابا له به على الأقوى وإن كان يفهم منه عرفا ارادته لايقاعه منه فتأمل إذا عرفت هذا فنقول الصوم المستحب من الصبى مستحب أيضا واما الصوم الواجب كصوم شهر رمضان فان أريد من شرعيته وموافقته للامر فلا أمر الا الامر بالامر وقد عرفت انه ليس أمرا الا ان يقال إن عمومات محبوبية الصوم كقوله تعالى الصوم لي وانا اجزى عليه ونحوه يستفاد منه الطلب ومطلق الوجهان وان أريد كونه محبوبا عند الشارع ومجزيا به فالحق هو الشرعية للعمومات المذكورة وان لم يستفد منها الطلب واما الاستدلال على عدم المشروعية برواية الزهري فهو فاسد لان كونه صومه التأديب لا ينافي ترتب الاجر على الامساك وان لم يسم صوما كما في نظر انه من المسافر والحائض والمريض وجعله مقابلا للمندوب لأنه ليس مطلوبا في (نفسه بل لأجل التعود) أو التشبه بالصائمين * مسألة * ادعى غير واحد الاتفاق على صحة صوم النائم إذا سبقت منه النية وان استمر نومه في مجموع النهار واستدل أيضا بالروايات الدالة على رجحان النوم للصائم واما المغمى عليه فقد ذهب الأكثر إلى عدم صحة صومه وان عرض الاغماء لحظة واستدل عليه تارة بان التكليف فرع العقل وهو مفقود في المغمى عليه وتارة بسقوط القضاء عنه للأخبار الدالة عليه فيسقط الأداء أيضا وثالثة برواية ابن سنان كلما غلب الله عليه فليس على صاحبه فيه شئ ويرد على الأول ان اشتراط التكليف بالعقل لكن نقول إنه إذا كلف الشارع بفعل له استمرار وامتداد فلا دليل على اشتراط اتصاف المكلف باهلية التكليف مطلقا أو بخصوص ذلك الشئ في جميع إنات هذا الفعل المستمر الممتد ولا من العقل ولا من النقل إما من العقد فواضح إذ لا ريب في أنه إذا أمر المولى عبده بالكون في المسجد طول النهار أو بالامساك من الغذاء الفلاني في مدة أو غير ذلك فاشتغل المكلف بالامتثال فعرض له في الأثناء حالة لا يحسن فيها تكليفه بشئ أصلا أو بخصوص هذا الذي كلف به من نسيان أو اغماء أو نوم أو جنون ثم ارتفعت فإنه يعد ممتثلا مطيعا في عرف العقلاء ولم يدل دليل على أنه يعتبر في الصوم الذي هو أحد التكاليف أمر زائد على الامساك عن المفطرات مع صدق الإطاعة والامتثال على هذا الامساك وكون الممسك مطيعا عرفا وهذا هو السر في عدم الاعتناء بحصول السهو والغفلة والنوم في أثناء النهار مع كون كل منها من موانع التكليف لأنه مشروط بالشعور كما أنه مشروط بالعقل بل لا اعتناء بفعل المفطر في هذه الحالات ودعوى ان مقتضى القاعدة قدح عروض أحد هذه في الصوم ولو اتفق لحظة وان الشخص إذا غفل لحظة من لحظات النهار عن كونه مكلفا بالامساك عن الأمور المخصوصة وعن نفس تلك الأمور فالأصل يقتضى ان يكون صومه غير صحيح الا ان الاجماع انعقد على الصحة لا يخفى تعسفها على أحد بل السر ما ذكرنا من عدم قدح عروض أمثالها في صدق الإطاعة والامتثال الذي لا دليل على اشتراط أزيد منه في جميع التكاليف ومنها الصوم مع أن الاجماع المدعى إن كان على عدم قدح عروض أحد هذه في التكليف بالامساك المذكور في كل جزء جزء من اجزاء النهار حتى في الجزء الذي عرض العارض فهو فاسد إذا العقل حاكم بقبح التكليف بالامساك في هذا الجزء لأنه غافل ولهذا لا يعاقب لو لم يمسك فيه والدليل العقلي غير قابل للتخصيص ولا يرتفع مقتضاه بالاجماع وان سلم انه ليس مكلفا في جميع الأجزاء حتى هذا الجزء الا ان الاجماع انعقد على كفاية الامساك مع؟؟ التكليف به في بعض اجزاء النهار بل على كفاية مجرد سبق النية وان يلتفت إلى الصوم في شئ عن اجزاء النهار فهذا يستلزم ان لا يمتثل أحد لأمر الله سبحانه بالصوم الحقيقي الذي هو عبارة عن الامساك في مجموع اليوم حتى الأنبياء والأوصياء عليهم السلام غالبا إذ قلما يتفق لاحد الالتفات في كل جزء جزء إلى المكلف والمكلف به ولا يخفى بشاعة التزامه فانكشف من جميع ذلك أنه لا يعتبر في هذا المقام أزيد من كونه المكلف حال التلبس بالمكلف به بحيث لو التفت إلى التكليف يكون قاصد الاتيان مطيعا بل اعتبار هذا المقدر محل كلام لحكم كثير منهم بعدم قدح نية الافطار إذا لم يفطر وجدد النية بعدها ولعل مما ذكرنا يظهر الجواب عما يقال من أن التكليف بالامر المركب يستدعى كون كل جزء منه مقدورا فما لم يقدر على بعض اجزائه لم يحسن التكليف بهذا المركب لان مقتضى عدم القدرة على هذا البعض عدم كون تركه الموجب لترك المركب سببا للعقاب ومقتضى التكليف بالمركب استحقاق العقاب على تركه وإذا عرض الاغماء في الأثناء زال قدرته على الامساك في هذا الجزء فلا يحسن تكليفه بالصوم الذي هو عبارة عن الامساك في مجموع النهار فمن علم الله سبحانه بأنه يغمى في أثناء النهار فليس مكلفا بالصوم في متن الواقع بناء على قبح الامر مع علم الامر بانتفاء الشرط وان وجب عليه في الظاهر قبل حصول الاغماء الامساك عن المفطرات الا ان عروضه كاشف عن عدم وجوبه توجيه الجواب على وجه لا يبقى معه شك وارتياب ان قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل خطاب عام ومعناه انه يجب عليكم أيها البالغون العاقلون الملتفتون إلى توجه الخطاب ان تمسكوا عن الأمور المخصوصة طول اليوم فإذا عرضنا هذا التكليف على العقل الذي هو الحاكم بوجوب إطاعة الله سبحانه وجدناه حاكما بأنه يجب عليكم ان لا ترتكبوا عمدا شيئا مما وجب امساكه عليكم فإذا فعلتم ذلك فقد أطعتم الله وامتثلتم أوامره ولا يقدح في ذلك ارتكاب شئ منها في حال عدم الالتفات فضلا عن مجرد عروض الحالة مع عدم الارتكاب هذا كله حال العقل واما الشرع فليس فيه ما يدل على أنه يقدح في التكليف بالفعل ان يعرض للمكلف حال تلبسه به حالة يمنع فيها تكليفه بشئ مطلقا أو بذلك الشئ حتى يجعل أصلا وقاعدة ويحكم بلزوم مراعاتها الا فيما دل الدليل على الخلاف مثل صورة عروض النوم والسهو في الأثناء بل وقوع المفطر فيهما فيحكم بالصحة على خلاف القاعدة لأجل الدليل فتأمل وتدبر ويرد على الثاني منع استلزام سقوط القضاء لعدم وجوب الأداء إذ ليس الملازمة بينة ولا مبنيته وعلى الثالث ان مقتضى الرواية سقوط التكليف عن المعذور من قبل الله سبحانه ونحن نقول بموجبه وان المغمى عليه في حال الاغماء ليس عليه شئ لكن قد عرفت ان مجرد عروض
(٦١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572