مما ذكرنا الاقتصار في رفع مقتضى الأدلة الواقعية المثبتة للتكاليف على مقدار حكومة القاعدة عليها فلو فرض المكلف معتقدا لعدم تضرره بالوضوء أو الصوم مثلا فتوضأ ثم انكشف انه تضرر به فدليل نفى الضرر لا ينفى الوجوب الواقعي المتحقق في حق هذا المتضرر لان هذا الحكم الواقعي لم يوقع المكلف في الضرر ولذا لو فرضنا انتفاء هذا الوجوب واقعا على هذا المتضرر كان يتوضأ هذا الوضوء لاعتقاد عدم تضرره وعدم دخوله في المتضررين فلم يستند تضرره الا جعل هذا الحكم فنفيه ليس امتنانا على المكلف وتخليصا له من الضرر بل لا يثمر الا تكليفا له بالإعادة بعد العمل والتضرر فيحصل ان القاعدة لا ينفى الا الوجوب الفعلي على المتضرر العالم بتضرره لان الموقع للمكلف في الضرر هو هذا الحكم الفعلي دون الوجوب الواقعي الذي لا يتفاوت وجوده وعدمه في اقدام المكلف على الضرر بل نفيه مستلزم لالقاء المكلف في مشقة الإعادة فالتمسك بهذه القاعدة على فساد العبادة المتضرر بها في دوران الفساد مدار اعتقاد الضرر الموجب للتكليف الفعلي بالتضرر بالعمل كالتمسك على فسادها بتحريم الاضرار بالنفس في دورانه مدار الاعتقاد بالضرر الموجب للتحريم الفعلي لأنه الذي يمتنع اجتماعه مع الامر فلا يجرى مع الضرر الواقعي وان سلم مع التحريم الثاني كما تسالما في باب اجتماع الأمر والنهي من عدم الفساد مع الجهل بالموضوع أو نسيانه وان المفسد هو التحريم الفعلي المنجز الثاني انه لا اشكال كما عرفت في أن القاعدة المذكورة تنفى الاحكام الموجودية الضررية تكليفية كانت أو وضعية واما الاحكام العدمية الضررية مثل عدم ضمان ما يفوت على الحر من عمله بسبب حبسه ففي نفيها بهذه القاعدة فيجب ان يحكم بالضمان اشكال من أن القاعدة ناظرة إلى نفى ما ثبت بالعمومات من الأحكام الشرعية فمعنى نفى الضرر في الاسلام ان الأحكام المجعولة في الاسلام (ليس منها حكم ضروري ومن المعلوم ان عدم حكم الشارع بالضمان في نظاير المسألة المذكورة؟ ليس من الأحكام المجعولة في الاسلام صح) وحكمه بالعدم ليس من قبيل الحكم المجعول بل هو اخبار بعدم حكمه بالضمان إذ لا يحتاج العدم إلى حكم به نظير حكمه بعدم الوجوب أو الحرمة أو غيرهما فإنه ليس انشاء منه بل هو اخبار حقيقة ومن أن المنفى ليس خصوص المجعولات بل مطلق ما يتدين به ويعامل عليه في شريعة الاسلام وجوديا كان أو عدميا فكما انه يجب في حكمة السابقي نفى الاحكام الضررية كك؟
يجب جعل الاحكام التي يلزم من عدمها الضرر مع أن الحكم العدمي يستلزم احكاما وجوديه فان عدم ضمان ما يفوته من المنافع يستلزم حرمة مطالبته ومقاصته والتعرض له وجواز دفعه عند التعرض له فتأمل هذا مضافا إلى امكان استفادة ذلك من مورد رواية سمرة بن جندب حيث إنه صلى الله عليه وآله سلط الأنصاري على قلع نخل سمرة معللا بنفي الضرر حيث إن عدم تسلطه عليه ضرر كما أن سلطنة سمرة على ماله والمرور عليه بغير الاذن ضرر فتأمل ويمكن تأييد دلالته بما استدلوا به على جواز المقاصة مثل قوله جزاء سيئة سيئة مثلها ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل وقوله (تع) فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فيق؟ ان من فوت على غيره منفعة كان حبسه عن عمله جاز له اخذ ما يساوى تلك المنفعة منه الا ان دلالة هذه الآيات على نفس ما استدلوا بها عليه فضلا عن نظيره قاصرة جدا الثالث ذكر بعض المعاصرين جوابا عن ايراد اورده على الاستدلال بنفي الضرر لرفع التكاليف الثابتة بعموم أدلتها في مورد الضرر مثل وجوب الحج والصلاة والوضوء والصوم على من تضرر وهو انا قد حققنا ان الضرر ما لا يحصل في مقابله نفع واما ما حصل مقابله نفع دنيوي أو أخروي فلا يكون ضررا فإذ اورد مثلا حجوا إذا استطعتم أو صلوا إذا دخل الوقت أو صوموا إذا دخل شهر رمضان دل بعمومه على وجوب هذه الأفعال وان تضمن ضررا كليا والامر يذل على العوض فلا يكون ضررا فأجاب بما لفظه ان الامر انما يتعلق بالصلاة والحج ولازمه تحقق الاجر المقابل لماهية الحج والصلاة المتحققة في حال عدم الضرر (ايض) واما حصول عوض في مقابل الضرر واجر له فلا دليل عليه نعم لو كان نفس الضرر مما أمر به فيحكم بعدم التعارض وبعدم كونه ضررا كما في قوله إذا ملكتم النصاب فزكوا أو أمثاله انتهى أقول لا يخفى ما في كل من السؤال والجواب إما في السؤال فلان المراد بالضرر هو خصوص الضرر الدنيوي لا غير واما النفع الحاصل في مقابل الضرر الدنيوي فهو انما يوجب الامر بالتضرر لا خروجه عن كونه ضررا فدليل وجوب شراء ماء الوضوء باضعاف قيمته الموجب للنفع الأخروي مخصص لعموم نفى الضرر لا رافع لموضوعه فجميع ما أثبت التكاليف الضررية مخصصة لهذه القاعدة كيف ولو كان الامر كك؟ لغت القاعدة لان كل حكم شرعي ضرري لابد ان يترتب على موافقته الاجر فإذا فرض تدارك الضرر وخروجه بذلك عن الضرر فلا وجه لنفيه في الاسلام إذ يكون ح؟ وجود الدليل العام على التكليف الكاشف بعمومه عن وجود النفع الأخروي في مورد الضرر مخرجا للمورد عن موضوع الضرر واما ما في الجواب فلانه إذا سلم وجود النفع في ماهية الفعل أو في مقدماته كان تضرر بنفس الصوم أو بالحج أو بمقدماته يكون الامر بذلك الفعل نفسيا أو مقدمة أمرا بالتضرر فلا يبقى فرق بين الامر بالزكاة والامر بالصوم المضر أو الحج المضر بنفسه أو بمقدماته فالتحقيق ان المراد بالضرر خصوص الدنيوي وقد رفع الشارع الحكم في موارده امتنانا فيكون القاعدة حاكمة على جميع العمومات المثبتة للتكليف نعم لو قام دليل خاص على وجوب خصوص تكليف ضرري خصص به عموم القاعدة الرابع ان مقتضى هذه القاعدة ان لا يجوز لاحد اضرار انسان لدفع