عرفا ففي المصباح الضر بفتح الضاد مصدر ضره يضره من باب فعله إذا به مكروها واضربه يتعدى بنفسه ثلاثيا وبالباء رباعيا والاسم (إذا فعل به صح) الضر قد يطلق على نقض في الأعيان وضاره يضاره مضارة ضراء بمعنى ضره انتهى وفي النهاية معنى قوله (ع)؟ لا ضرر ولا يضر الرجل أخاه بان ينقصه شيئا من حقايق الضرار فعال من الضر أي لا يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه وقيل الضرران تضر صاحبك وتنتفع أنت به والضرر ان تضره من غير أن ينتفع وقيل هما بمعنى واحد والتكرار للتأكيد انتهى وكيف كان فالتباس الفرق بين الضرر والضرار لا يخل بما هو المقصود من الاستدلال بنفي الضرر في المسائل الفرعية فالأهم من ذلك بيان معنى النفي فنقول ان نفى الضرر ليس محمولا على حقيقته لوجود الحقيقة في الخارج بديهة فلا بد من حمله على محامل ق؟ بكل هنا قائل أحدها حمله على النهى فالمعنى تحريم الفعل الثاني الضرر المجرد عن التدارك فكما ان ما يحصل بإزائه نفع لا يسمى ضررا كدفع مال بإزاء عوض مساو له أو زائدة عليه كك؟ الضرر المقرون بحكم الشارع بلزوم تداركه نازل منزلة عدم الضرر وان لم يسلب عنه مفهوم الضرر بمجرد حكم الشارع بالتدارك فالمراد نفى وجود الضرر المجرد عن التدارك فاتلاف المال بلا تدارك ضرر على صاحبه فهو منفى فإذا وجد في الخارج فلا بد ان يكون مقرونا بلزوم التدارك وكك؟ تمليك الجاهل بالغبن ماله بإزاء ما دون قيمته من الثمن ضرر عليه فلا يوجد في الخارج الا مقرونا بالخيار وهكذا الثالث ان يراد به نفى الحكم الشرعي الذي هو ضرر على العباد وانه ليس في الاسلام مجعول ضرري وبعبارة أخرى حكم يلزم من العمل به الضرر على العباد مثلا يق؟ ان حكم الشارع بلزوم البيع مع الغبن ضرر على المغبون فهو منفى في الشريعة وكك؟ وجوب الوضوء مع اضرار الماء حكم ضرر منفى في الشريعة وكك؟ إباحة الاضرار بالغير حكم ضرري منفى في الشريعة ثم إن أردء الاحتمالات هو الثاني وان ق؟ به بعض الفحول لان الضرر الخارجي لا ينزل منزلة العدم بمجرد حكم الشارع بلزوم تداركه وانما المنزل منزلة الضرر المتدارك فعلا والحاصل ان ايصال الضرر إن كان لداعى النفع لا نضايق عن سلب الضرر عن حقيقة وإن كان قد يناقش فيه واما الضرر لا لداعى النفع فان تعقبه تدارك فهو ضرر حقيقي لكن بعد أن اتفق تداركه يمكن تنزيله منزلة ما لم يوجد كما هو معنى التدارك واما ما لم يتعقبه تدارك فعلا فلا وجه لتنزيله منزلة ما لم يوجد في الخارج بمجرد حكم الشارع بوجوب تداركه فمنشأ هذا الاحتمال الخلط بين الضرر المتدارك فعلا والضرر المحكوم بلزوم تداركه والمناسب للمعنى الحقيقي أعني نفى المهية هو الأول نعم لو كان حكم الشارع في واقعة بنفسه حكما ضرريا يكون تداركه بحكم اخر كحكمه بجواز قتل مجموع العشرة المشتركين في قتل واحد المتدارك بوجوب دفع تسعة أعشار الدية إلى كل واحد واما الضرر الواقع من المكلف فلا يتدارك بحكم الشارع بلزوم التدارك لينزل منزلة العدم هذا مضافا إلى أن ظاهر قوله (ع) لا ضرر في الاسلام كون الاسلام طرفا للضرر فلا يناسب ان يراد به الفعل المضر وانما المناسب الحكم الشرعي الملقى للعباد في الضرر نظير قوله لا جرح في الدين هذا مع أن اللازم من ذلك عدم جواز التمسك بالقاعدة لنفى الحكم الضرري المتعلق بنفس التكليف كوجوب الوضوء مع التضرر به فان فعل الوضوء المضر حرام والواقع منه في الخارج لم يجعل له الشارع تداركا مع أن العلماء لم يفرقوا في الاستدلال بالقاعدة بين الاضرار بالنفس والاضرار بالغير واما المعنى الأول فهو مناف لذكرها في النص والفتوى لفني الحكم الوضعي لا مجرد تحريم الاضرار نعم يمكن ان يستقاد منه تحريم الاضرار بالغير من حيث إن الحكم بإباحته حكم ضرري فيكون منفيا في الشرع بخلاف الاضرار بالنفس فان اباحته بل طلبه على وجه الاستحباب ليس حكما ضرريا ولا يلزم من جعله ضرر على المكلفين نعم قد استفيد من الأدلة العقلية والنقلية تحريم الاضرار بالنفس فتبين مما ذكرنا ان الأرجح في معنى الرواية بل المتعين هو المعنى الثالث لكن في قوله لا ضرر ولا ضرار من دون تقييد أو مع التقييد بقوله في الاسلام واما قوله لا ضرر ولا ضرار على مؤمن فهو مخص بالحكم الضرري بالنسبة إلى الغير فلا يشمل نفى وجوب الوضوء والحج مع الضرر وينبغي التنبيه على أمور الأول ان دليل هذه القاعدة حاكم على عموم أدلة اثبات الاحكام الشامل لصورة التضرر بموافقتها وليس معها من قبيل المتعارضين (فيلتمس الترجيح بأحدهما ثم يرجع إلى الأصول خلافا لما يظهر من بعض من عدهما من المتعارضين صح) حيث إنه ذكر في مسألة تصرف الانسان في ملكه مع تضرر جاره ان عموم نفى الضرر معارض بعموم الناس مسلطون على أموالهم وذكر نحو ذلك في مسألة جواز الترافع إلى حكام الجور مع انحصار انقاذ الحق في ذلك وفيه ما تقرر في محله من أن الدليل الناظر بدلالته اللفظية إلى اختصاص دليل عام ببعض افراده حاكم عليه ولا يلاحظ فيه النسبة الملحوظة بين المتعارضين نظير حكومة أدلة الجرح على ما يثبت بعموم التكليف في موارد الحرج وعليه جرت سيرة الفقهاء في مقام الاستدلال في مقامات لا يخفى منها استدلالهم على ثبوت خيار الغبن وبعض الخيارات الأخر بقاعدة نفى الضرر مع وجود عموم الناس مسلطون على؟ أموالهم؟ الدال على لزوم العقد وعدم سلطنة المغبون على اخراج ملك الغابن بالخيار عن ملكه ثم إن اللازم
(٤٥٣)