بالنسبة إليهم على التكليف الصوري للتسجيل عليهم واثبات العقاب لأنه استعمال اللفظ في أكثر من معنى مع أن التكليف على هذا الوجه مع علم المكلف بالحال قبيح جدا أيضا ودعوى ان ذلك يوجب تحقق الاسلام منه بالنسبة إلى صحة الصلاة وكذا طهارته بالنسبة إلى نفسه دون الاسلام المطلق الموجب للطهارة المطلقة بعيد جدا مخالف لظاهر ما دل على اشتراط الصلاة والصوم بالاسلام المطلقة والطهارة المطلقة ومنها الغيبة والمراد بها غيبة الحيوان المتلبس بالنجاسة زمانا يحتمل زوالها عنه فيه وفى عدها من المطهرات مالا يخفى من المسامحة توضيح الكلام فيه ان المحكي عن جماعة كالشيخ والحلى والعلامة والشهيدين وصاحب الموجز وكاشف الالتباس وصاحب المدارك والمعالم بل عن المشهور كما عن مجمع البرهان وغيره ان الهرة إذا اكلت ميتة ثم شربت من ماء قليل لم ينجس ذلك الماء غابت أولم تغب وعن ظاهر الخلاف دعوى الاجماع ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المحكي المعتضد بالشهرة وقيام السيرة ولزوم الحرج لو بنى على الاجتناب اطلاق ما دل على نفى الباس عن سؤر الهرة مع عدم انفكاكها عن ملاقاة الميت؟؟ فان تلك المطلقات وإن كانت مسوقة لبيان حكم الهرة من حيث ذاتها كما ينادى به تعليل الحكم في بعض الأخبار بقولهم ان الهرة من السباع وقوله (ع) انى لاستحيى من ربى ان ادع طعاما من أجل ان الهرة اكلت منه ونحو ذلك الا ان حيثية النجاسة العرضية الحاصلة له من ملاقاة الميتة لما كانت غالبة المقارنة له كان في اطلاق الحكم دلالة على عدم مزاحمة هذه الحيثية لحكم الذات والأوجب التنبيه عليه لكن الانصاف ان فهم هذا من تلك الاطلاقات على وجه يعتد به مشكل كالاستناد إلى الاجماع المحكي من ف؟ لان الشيخ انما استدل على مطلبه باجماع الفرقة على طهارة سؤر الهرة من غير تفصيل ولا يخفى ان مساق هذا الاجماع مساق اخبار طهارة سؤر الهرة واما قيام السيرة و لزوم الحرج فإنما ينشئان من وجوب الاجتناب عن سؤرها مع عدم احتمال زوال النجاسة بولوغها في ماء كثير كما هو المحكي عن العلامة في النهاية بل قيل إنه ظاهر التذكرة والمعتبر والذكرى حيث استندوا التعميم لصورتي غيبة الحيوان وعدمها إلى الشيخ في المبسوط وفيه نظر نعم يمكن الاستدلال على ذلك بظاهر موثقة عمار كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ ولا تشرب وزاد في الاستبصار كما حكى عنه انه سئل عن ماء شربت منه دجاجة قال إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ ولم يشرب وان لم يعلم أن في منقارها قذرا فتوضأ منه واشرب دلت على اختصاص وجوب الاجتناب بصورة وجود عين الدم والقذر في المنقار الا ان يقال بكون ذلك كناية عن مطلق النجاسة فتكون مسوقة لبيان اعتبار العلم بالنجاسة الحالية في الحيوانات وعدم اعتبار العلم بالنجاسة سابقا المتيقنة في مثل البازي ونحوه من سباع الطيور وما أبعد ما بين القول المشهور وما حكى عن ابن فهد واختاره بعض مشايخنا من اعتبار العلم بزوال النجاسة المتيقنة سابقا من دون فرق بين بدنه وثيابه وفرشه وآنيته وهو ظاهر الأردبيلي في مجمع البرهان حيث قال النجاسة المحققة في غاية الاشكال والعلم بالنجاسة لا يزول الا بمثله ويرده السيرة القطعية واطلاق الموثقة بل الأخبار المتقدمة التي هي أخص من أدلة الاستصحاب ويؤيده الأخبار الدالة على طهارة المايع إذا خرج منه الفارة حية مع أنها لا تنفك عن نجاسة موضع بعرها ومخرج منيها مع أن هذا القول لا يكاد يعرف لاحد من الأصحاب عدا ما حكى عن الموجز لابن فهد مع أن المحكي عن مهذبه موافقة المشهور بل صرح في الموجز بقوله ونحكم بطهارة حيوان نجس إذا غاب زمانا يمكن طهره مطلقا ويمكن زوال العين في الحيوان وان لم يغب وما علم المالك المتحرز نجاسته ثم شوهد مستعملا ومثله الهرة إذا اكلت فارة ولم تغب ما لم يتلوث انتهى واما استشكال الأردبيلي فهو لا ينافي اتفاق الفقهاء لأنه كثيرا ما يستشكل في الاتفاق هذا كله في غير الانسان واما فيه فالظاهر أنه لا خلاف ولا اشكال في أنه لا يحكم عليه بارتفاع النجاسة المحققة في بدنه وثيابه بمجرد زوال العين مع عدم طرو الطهارة وانما الكلام في أنه هل يكفي مجرد الاحتمال أو يعتبر مطلق الظن بالزوال أو الظن الخاص الحاصل من شهادة حاله أو مقاله بذلك وجوه بل أقوال أوسطها الأخير لظهور الاجماع بل حكى صريحا عن بعض شراح المنظومة وظاهر المحكي عن تمهيد القواعد انه متفق عليه بين الأصحاب وعنه أيضا انهم يعنى الأصحاب عللوا ذلك بالعمل بظاهر حال المسلم لأنه يتنزه عن النجاسة هذا مضافا إلى السيرة القطعية ولزوم الحرج وما دل على وجوب تصديق المسلم وعدم اتهامه فان ظاهرها وإن كان هو الاخبار المقالي الا ان التأمل الصادق يشهد بأنه لا يفرق بين تكذيبه أو اتهامه فما يظهر من حاله أو معتقد له ويخبر به ويؤيد المطلوب أيضا بل يدل عليه ما دل على كراهة سؤر الحائض والجنب المتهمين وعدم كراهة سؤر غير المتهمة وفى المحكية عن السرائر المسؤول فيها عن سؤر الحائض انه لا باس ان يتوضأ به إذا كانت تغسل يديها وفى رواية أخرى إذا كانت مأمونة فلا باس فان الظاهر من حال المسلم انه لا يباشر مع النجاسة الماء المعد في البيت للشرب والتطهير فمباشرتها للماء المذكورة في قوة اخبارها بتطهير يدها ومما ذكرنا من الأدلة يعلم اعتبار كون
(٣٨٩)