الشرطي، فأدخل الله ذلك الذئب الجنة، لما أحزن الشرطي.
أقول: قال ابن عباس: دخل الذئب الجنة بأكله لابن الشرطي، فلو أكل الشرطي، لرفعه الله تعالى إلى عليين، والشرطي من أعوان الظلمة من الشرطة، وهي العلامة، لأنهم يعلمون أنفسهم بعلامات يعرفون بها.
وقال صاحب (الكامل): لما مات موسى وهارون عليهما السلام في التيه، أوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون: يأمره المسير إلى أريحا وفتحها.
وقال آخرون: ان موسى عاش حتى خرج من التيه وسار إلى مدينة الجبارين وعلى مقدمته يوشع بن نون وكالب بن يوحنا وهو صهره على أخته مريم بنت عمران.
فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعوراء وهو من ولد لوط (ع) فقالوا له: ان موسى (ع) جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا، فادع الله عليهم وكان بلعم يعرف اسم الله الأعظم، فقال لهم كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة، فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم.
فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية وطلبوا إليها ان تحسن لزوجها ان يدعو على بني إسرائيل فقالت له في ذلك فامتنع، فلم تزل به حتى قال استخير ربي فاستخار الله تعالى فنهاه في المنام، فأخبرها بذلك، فقالت راجع ربك. فعاد الاستخارة فلم يرد جواب. فقالت لو أراد ربك لنهاك. ولم تزل تخدعه حتى أجابهم.
فركب حمارا له متوجها إلى جبل يشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم، فما مشى عليها إلا قليلا حتى ربض الحمار فضربه حتى قام فركبه، فسار قليلا فربض، ففعل ذلك ثلاث مرات.
فلما اشتد ضربه في الثالثة فأنطقها الله: ويحك يا بلعم أين تذهب؟ أما ترى الملائكة تردني فلم يرجع، فأطلق الله: الحمار حينئذ فسار حتى أشرف على بني إسرائيل فكان كلما أراد ان يدعو عليهم: ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم، وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب دعائه عليهم.