عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، عجب لمن أيقن ان البعث حق كيف يظلم، عجب لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها.
وكان بينهما وبين هذا الأب الصالح سبعون أبا، فحفظهما الله بصلاحه.
قال الصدوق: بعد تمام الحديث ان موسى عليه السلام مع كمال عقله ومحله من الله تعالى لم يستدرك باستدلاله واستنباطه معنى أفعال الخضر عليه السلام حتى اشتبه عليه وجه الامر فيه وسخطه جميع ما كان يشاهده حتى أخبر بتأويله، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه، ولو بقى في الفكر عمره، فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم: القياس والاستنباط والاستخراج، كان من دونهم من الأمم الأولى، بان لا يجوز لهم ذلك، انتهى.
وقوله: ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضة، يعني ان المقصود منه هو العلم ووصوله إلى أهله، وان كان ذهبا فهو كنزان، كنز علم وكنز ذهب.
(علل الشرايع) سمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله بن طيفور الدامغاني الواعظ بفرغانة يقول: في خرق الخضر عليه السلام السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار، ان تلك إشارات من الله تعالى لموسى (ع) وتعريضات إلى ما يريده من تذكيره لمنن سابقة لله عز وجل، نبهه عليها وعلى مقدارها من الفضل، ذكره بخرق السفينة انه حفظه في الماء حين ألقته أمه في التابوت وألقت التابوت في اليم، هو الذي يحفظهم في السفينة.
واما قتل الغلام فإنه كان قد قتل رجلا في الله عز وجل، وكانت تلك زلة عظيمة عند من لم يعلم أن موسى عليه السلام نبي، فذكره بذلك منة عليه حين دفع عنه كيد من أراد قتله به.
واما إقامة الجدار من غير اجر، فان الله عز وجل ذكره بذلك فضله فيما اتاه في ابنتي شعيب حين سقى لهما، وهو جائع ولم يبتغ على ذلك اجرا، مع حاجته إلى الطعام فنبهه الله على ذلك ليكون شاكرا مسرورا.